{ ولما سُقط في أيديهم } أَيْ: ندموا على عبادتهم العجل { ورأوا أنهم قد ضلوا }
قد ابتلوا بمعصية الله، وهذا كان بعد رجوع موسى إليهم.
{ ولما رجع موسى إلى قومه غضبان } عليهم { أسفاً } حزيناً؛ لأنَّ الله تعالى فتنهم
{ قال بئس ما خلفتموني من بعدي } بئسما عملتم من بعدي حين اتَّخذتم العجل
إلهاً، وكفرتم بالله { أعجلتم أمر ربكم } أسبقتم باتَّخاذ العجل معياد ربِّكم؟ يعني:
الأربعين ليلة، وذلك أنَّه كان قد وعدهم أن يأتيهم بعد ثلاثين ليلةَ، فلمَّا لم يأتهم
على رأس الثَّلاثين قالوا: إنَّه قد مات { وألقى الألواح } التي فيها التَّوراة { وأخذ
برأس أخيه } بذؤابته وشعره { يجرُّه إليه } إنكاراً عليه إذ لم يلحقه فَيُعرِّفه ما فعل
بنو إسرائيل، كما قال في سورة طه: { قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألاَّ
تتبعنِ... } الآية. فأعلمه هارون أنَّه أَنَّما أقام بين أظهرهم خوفاً على نفسه من
القتل، وهو قوله: { قال ابن أمَّ } وكان أخاه لأبيه وأُمِّه، ولكنَّه قال: يا ابنَ أمَّ
ليرقِّقه عليه { إنَّ القوم استضعفوني } استذلُّوني وقهروني { وكادوا } وهمُّوا أن
{ يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء } يعني: أصحاب العجل بضربي وإهانتي { ولا
تجعلني } في موجدتك وعقوبتك لي { مع القوم الظالمين } الذين عبدوا العجل،
فلمَّا عرف براءة هارون ممَّا يوجب العتب عليه، إذا بلغ من إنكاره على عبدة
العجل ما خاف على نفسه القتل.