{ وإذا فعلوا فاحشة } يعني: طوافهم بالبيت عارين.
{ قل أمر ربي بالقسط } ردٌّ لقولهم: { والله أمرنا بها } والقسط: العدل { وأقيموا
وجوهكم عند كلِّ مسجد } وجِّهوا وجوهكم حيث ما كنتم في الصَّلاة إلى الكعبة
{ وادعوه مخلصين له الدين } وحِّدوه ولا تشركوا به شيئاًَ. { كما بدأكم } في
الخلق شيقيَّاً وسعيداً، فكذلك، { تعودون } سعداء وأشقياء، يدلُّ على صحَّة هذا
المعنى قوله:
{ فريقاً هدى } أرشد إلى دينه، وهم أولياؤه { وفريقاً حقََّ عليهم الضلالة }
أَضَلَّهُمْ، وهم أولياء الشَّياطين { إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون
أنهم مهتدون } ثمَّ أمرهم أن يلبسوا ثيابهم ولا يتعرَّوا، فقال:
{ يا بني آدم خذوا زينتكم } يعني: ما وارى العورة { عند كلِّ مسجد } لصلاةٍ
أو طواف { وكلوا واشربوا } كان أهل الجاهليَّة لا يأكلون أيَّام حجِّهم إلاَّ قوتاً، ولا
يأكلون دسماً. يُعظِّمون بذلك حجِّهم، فقال المسلمون: نحن أحقُّ أن نفعل،
فأنزل الله تعالى: { وكلوا } يعني: اللَّحم والدَّسم { واشربوا } اللَّبن والماء وما
أحلَّ لكم { ولا تسرفوا } بحظركم على أنفسكم ما قد أحللته لكم من اللَّحم
والدَّسم { إنَّه لا يحب } مَنْ فعل ذلك، أَيْ: لا يُثيبه ولا يدخله الجنَّة.