{ وما أرسلنا من قرية } في مدينةٍ { من نبي } فكذَّبه أهلها { إلاَّ أخذنا } هم
{ بالبأساء والضراء } بالفقر والجوع { لعلهم يضَّرَّعون } كي يستكينوا ويرجعوا.
{ ثمَّ بدلنا مكان السيئة الحسنة } بدل البؤسِ والمرضِ الغنى والصحَّة { حتى عفوا }
كثروا وسمنوا، وسمنت أموالهم { وقالوا } من غِرَّتهم وجهلهم: { قد مسَّ آباءنا
الضراء والسراء } قد أصاب آباءنا في الدَّهر مثل ما أصابنا، وتلك عادة الدَّهر،
ولم يكن ما مسَّنا عقوبة من الله، فكونوا على ما أنتم عليه، فلمَّا فسدوا على
الأمرين جميعاً أخذهم الله بغتة { وهم لا يشعرون } بنزول العذاب، وهذا تخويفٌ
لمشركي قريش.
{ ولو أنَّ أهل القرى آمنوا } وحَّدوا الله { واتقوا } الشِّرك { لفتحنا عليهم بركات من
السماء } بالمطر { و } من { الأرض } بالنَّبات والثِّمار { ولكن كذبوا } الرُّسل
{ فأخذناهم } بالجدوبة والقحط { بما كانوا يكسبون } من الكفر والمعصية.
{ أفأمن أهل القرى } يعني: أهل مكَّة وما حولها، ومعنى هذه الآية وما بعدها:
أنَّه لا يجوز لهم أن يأمنوا ليلاً ولا نهاراً بعد تكذيب محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وقوله:
{ وهم يلعبون } أَيْ: وهم في غير ما يُجدي عليهم.
{ أفأمنوا مكر الله } عذاب الله أن يأتيهم بغتةً.
{ أَوَلَمْ يهد } يتبيَّن { للذين يرثون الأرض من بعد أهلها } كفار مكَّة ومَنْ حولهم
{ أن لو نشاء أصبناهم } عذَّبناهم { بذنوبهم } ثمَّ { نطبع على قلوبهم } حتى يموتوا
على الكفر، فيدخلوا النَّار، والمعنى: ألم يعلموا أنَّا لو نشاء فعلنا ذلك.
{ تلك القرى } التي أهلكتُ أهلها { نقص عليك من أنبائها } نتلو عليك من
أخبارها، كيف أُهلكت { ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات } يعني: الذين أُرسلوا
إليهم { فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل } فما كان أولئك الكفَّار ليؤمنوا عند
إرسال الرُّسل بما كذَّبوا يوم أخذ ميثاقهم، فأقرُّوا بلسانهم وأضمروا التَّكذيب
{ كذلك } أَيْ: مثل ذلك الذي طبع الله على قلوب كفَّار الأمم { يطبع الله على
قلوب الكافرين } الذين كتب عليهم ألاَّ يؤمنوا أبداً.
{ وما وجدنا لأكثرهم من عهد } يعني: الوفاء بالعهد الذي عاهدهم يوم الميثاق.
{ ثم بعثنا من بعدهم } الأنبياء الذين جرى ذكرهم { موسى بآياتنا إلى فرعون ومَلَئِهِ
فظلموا بها } فجحدوا بها وكذَّبوا { فانظر } بعين قلبك { كيف كان } عاقبتهم،
وكيف فعلنا بهم.