{يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول} أجيبوا لهما بالطَّاعة {إذا دعاكم لما
يحييكم} يعني: الجهاد؛ لأنَّ به يحيا أمرهم ويقوى، ولأنَّه سبب الشَّهادة،
والشُّهداء أحياءٌ عند ربهم، ولأنَّه سببٌ للحياة الدَّائمة في الجنَّة {واعلموا أنَّ الله
يحول بين المرءِ وقلبه} يحول بين الإِنسان وقلبه، فلا يستطيع أن يؤمن إلاَّ بإذنه،
ولا أن يكفر، فالقلوب بيد الله تعالى يُقلِّبها كيف يشاء {وأنَّه إليه تحشرون}
للجزاء على الأعمال.
{واتقوا فتنة...} الآية. أمر الله تعالى المؤمنين ألا يُقرّوا المنكر بين أظهرهم،
فيعمَّهم الله بالعذاب، والفتنة ها هنا: إقرار المنكر، وترك التَّغيير له، وقوله:
{لا تصيبنَّ الذين ظلموا منكم خاصة} أَيْ: تصيب الظَّالم والمظلوم، ولا تكون
للظَّلمة وحدهم خاصَّة، ولكنَّها عامَّة، والتَّقدير: واتَّقوا فتنةً، إن لا تتقوها
لا تصيب الذين ظلموا منكم خاصَّة، أَيْ: لا تقع بالظَّالمين دون غيرهم، ولكنها
تقع بالصَّالحين والطَّالحين {واعلموا أنَّ الله شديد العقاب} حثٌّ على لزوم
الاستقامة خوفاً من الفتنة، ومن عقاب الله بالمعصية فيها.
{واذكروا} يعني: المهاجرين {إذ أنتم قليل} يعني: حين كانوا بمكَّة في عنفوان
الإِسلام قبل أن يُكملوا أربعين {مستضعفون في الأرض} يعني: أرض مكَّة
{تخافون أن يتخطفكم الناس} المشركون من العرب لو خرجتم منها {فآواكم}
جعل لكم مأوىً ترجعون إليه، وضمَّكم إلى الأنصار {وأيَّدكم بنصره} يوم بدرٍ
بالملائكة {ورزقكم من الطيبات} يعني: الغنائم أحلَّها لكم {لعلكم تشكرون}
كي تطيعوا.