{ فصبَّ عليهم ربك سوط عذاب } أَيْ: جعل سوطه الذي ضربهم به العذاب.
{ إنَّ ربك } جواب القسم الذي في أوَّل السُّورة { لبالمرصاد } بحيث يرى ويسمع
ويرصد أعمال بني آدم.
{ فأمَّا الإنسان } يعني: الكافر { إذا ما ابتلاه ربُّه } امتحنه بالنِّعمة والسَّعة
{ فأكرمه } بالمال { ونعَّمة } بما وسَّع عليه { فيقول ربي أكرمنِ } لا يرى الكرامة
من الله إلاَّ بكثرة الحظِّ من الدُّنيا.
{ وأمَّا إذا ما ابتلاه فَقَدَرَ } فضيَّق { عليه رزقه فيقول ربي أهانن } يرى الهوان في
قلَّة حظِّه من الدنيا، وهذا صفة الكافر، فأما المؤمن فالكرامة عنده أن يُكرمه الله
بطاعته، والهوان أن يُهينه بمعصيته، ثم رَدَّ هذا على الكافر، فقال:
{ كلا } أَيْ: ليس الأمر كما يظنُّ هذا الكافر. { بل لا تكرمون اليتيم } إخبارٌ عمَّا
كانوا يفعلونه من ترك توريث اليتيم، وحرمانه ما يستحقُّ من الميراث.
{ ولا تَحَاضُّون على طعام المسكين } لا تأمرون به، ولا تُعينون عليه.
{ وتأكلون التراث } يعني: ميراث اليتامى { أكلاً لمّاً } شديداً، تجمعون المال كلَّه
في الأكل، فلا تُعطون اليتيم نصيبه.
{ وتحبون المال حباً جماً } كثيراً.
{ كلا } ما هكذا ينبغي أن يكون الأمر { إذا دكت الأرض دكاً دكاً } إذا زُلزلت
الأرض فكَسر بعضها بعضاً.
{ وجاء ربك } أَيْ: أمر ربِّك وقضاؤه { والملك } أَيْ: الملائكةُ { صفاً صفاً } صفوفاً.
{ وجيء يومئذٍ بجهنم } تُقاد بسبعين أَلْفِ زمامٍ، كلُّ زمامٍ بأيدي سبعين ألف
مَلَكٍ { يومئذٍ يتذكَّر الإنسان } يُظهر الكافر التَّوبة { وأنى له الذكرى } ومن أين
له التَّوبة؟
{ يقول يا ليتني قدمت لحياتي } أَيْ: للدَّار الآخرة التي لا موت فيها.
{ فيومئذٍ لا يعذِّب عذابه أحد } لا يتولَّى عذاب الله تعالى يومئذٍ أحدٌ، والأمر يومئذ
أمره، ولا أمر غيره.
{ ولا يوثق وثاقه } يعني بالوثاق الإِسار والسًَّلاسل والأغلال، والمعنى: لا يبلغ
أحدٌ من الخلق كبلاغ الله سبحانه في التَّعذيب والإِيثاق.