{ألا تقاتلون قوماً نكثوا أيمانهم} يعني: كفَّار مكَّة نقضوا العهد، أعانوا بني بكر
على خزاعة {وهموا بإخراج الرسول} من مكَّة {وهم بدؤوكم} بالقتال {أول
مرة} حين قاتلوا حلفاءكم خزاعة، فبدؤوا بنقض العهد {أتخشونهم} أن ينالكم
من قتالهم مكروه فتتركون قتالهم {فالله أحق أن تخشوه} فمكروهُ عذابِ الله أحقُّ
أن يُخشى في ترك قتالهم {إن كنتم مؤمنين} مصدِّقين بعقاب الله وثوابه.
{قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم} يقتلهم بسيوفكم ورماحكم {ويخزهم} يُذلُّهم
بالقهر والأسر {ويشف صدور قوم مؤمنين} يعني: بني خزاعة. أعانت قريشٌ
بني بكر عليهم حتى نكثوا فيها، فشفى الله صدورهم من بني بكر بالنبيِّ
والمؤمنين.
{ويذهب غيظ قلوبهم} كَرْبَها ووَجْدَها بمعونة قريش بكراً عليهم {ويتوب الله
على من يشاء} من المشركين، كأبي سفيان، وعكرمة بن أبي جهل، وسهيل بن
عمرو. هداهم الله للإسلام.
{أم حسبتم} أيُّها المنافقون {أن تتركوا} على ما أنتم عليه من التَّلبيس، وكتمان
النفاق {ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم} بنيَّةٍ صادقةٍ. يعني: العلم الذين يتعلَّق
بهم بعد الجهاد، وذلك أنَّه لما فُرض القتال تبيَّن المنافق من غيره، ومَنْ يوالي
المؤمنين ممَّن يوالي أعداءهم {ولم يتخذوا} أَيْ: ولمَّا يعلم الله الذين لم يتَّخذوا
{من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة} أولياء ودُخُلاً.