التفاسير

< >
عرض

ٱللَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ مَن ذَا ٱلَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَآءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْعَظِيمُ
٢٥٥
-البقرة

النهر الماد

{ ٱللَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ } هذه تسمى آية الكرسي لذكره فيها. وقد ورد في فضل قراءتها ثواب كثير، وتضمنت صفاته تعالى من الانفراد بالالهية، والحياة، والقيام على كل شيء. واستحالة كونه محلاً للحوادث وغير ذلك مما وصف به تعالى نفسه، وفيه إثبات صفة الحياة له، والقيوم وزنه فيعول أصله قيووم قلبت الواو ياء وأدغمت فيها الياء وقرىء القيّام والقيم وجوزوا أن يكون الحي صفة أو خبراً بعد خبر، أو بدلاً من هو، أو من الله، أو خبر مبتدأ محذوف، أو مبتدأ خبره، لا تأخذه، وأجودها الوصف ويدل عليه قراءة من قرأ الحي القيوم بنصبهما على المدح.
{ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ } يقال: وسن سنة ووسنا والمعنى: لا يغفل عن دقيق ولا جليل عبر بذلك عن الغفلة لأنه سببها. أولاً تحلة الآفات ولا العاهات المذهلة عن حفظ المخلوقات.
{ لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } ما تشمل كل موجود وللام للملك.
{ مَن ذَا ٱلَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } تقدم إعراب من ذا الذي في قوله من ذال الذي يقرض الله وهو استفهام في معنى النفي، ولذلك دخلت الا ودلت هذه الجملة على وجود الشفاعة.
{ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ } ضمير الجمع عائد على ما وهم الخلق غلب من يعقل فجمع الضمير جمع من يعقل وهو عائد على من يعقل من الأنبياء والملائكة مراعاة لقوله: من ذا الذي. قال ابن عباس: ما بين أيديهم أمر الآخرة، وما خلفهم أمر الدنيا. والذين يظهر ان هذا كناية عن إحاطة عالمه تعالى بسائر المخلوقات من جميع الجهات. وكني بهاتين الجهتين عن سائر الجهات لأحوال المعلومات والاحاطة تقتضي الحفوف بالشيء من جميع جهاته.
{ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ } أي من معلومه. لأن علمه تعالى لا يتبعض.
{ إِلاَّ بِمَا شَآءَ } أن يعلمهم به من المعلومات. وقرىء وَسْعَ فعلاً ماضياً بكسر السين وسكونها تخفيفاً.
وقرىء: { وَسِعَ كُرْسِيُّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ } برفعها. والكرسي: جسم عظيم يسع السماوات والأرض. واختار القفال ان المقصود تصوير عظمة الله وتقدره خاطب الخلق في تعريف ذاته بما اعتادوه في ملوكهم وعظمائهم. "انتهى". وفي الحديث.
"ما السماوات السبع في الكرسي إلا كدراهم سبعة ألقيت في تُرْس" . وفي الحديث أيضاً: "ما الكرسي في العرش إلا كحلقة من حديد ألقيت في فلاة من الأرض" .
[وقرأت في كتاب لأحمد بن تيمية هذا الذي عاصرنا وهو بخطه سماه كتاب العرش: إن الله تعالى يجلس على الكرسي وقد أخلى منه مكاناً يقعد فيه معه رسول الله صلى الله عليه وسلم تحيّل عليه التاج محمد بن علي بن عبد الحق البارنباري وكان أظهر أنه داعية له حتى أخذه منه وقرأنا ذلك فيه].
{ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا } أي لا يثقله حفظهما أي السماوات والأرض وهو كناية عن انتفاء شغله بهما وبحفظهما.
{ وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْعَظِيمُ } تنزيه له تعالى. أي العلي قدره، العظيم شأنه.