التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ نَجَّيْنَٰكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذَٰلِكُمْ بَلاۤءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ
٤٩
وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ ٱلْبَحْرَ فَأَنجَيْنَٰكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ
٥٠
-البقرة

النهر الماد

وفي العامل في "وإذ" تقديرات اخترنا أن يكون فعلاً محذوفاً يدل عليه ما قبله أي وأنعمنا عليكم
{ إِذْ نَجَّيْنَٰكُم } وجاء بنون العظمة لأن الانجاء من عدوهم من أعظم النعم فناسب الأعظم نسبته للمعظم وقرىء نجيناكم والهمز والتضعيف للتعدية وقرىء نجيتكم فوافق الضمير ضمير نعمتي والمعنى خلصناكم.
{ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ } وهم الذين كانوا يبشارونهم بأمر فرعون وفرعون علم لمن ملك العمالقة وآله أتباعه على دينه وامتنع من الصرف للعلمية والعجمة واشتقوا منه. قالوا: تفرعن الرجل تجبر وعتا والمشهور في اسمه الوليد بن مصعب وهو من بني عمليق بن لاوذ بن إرم بن سام بن نوح، ولا يضاف آل إلا للرئيس الأعظم: قاله الأخفش. ويقال: سامه كلفه العمل الشاق.
{ يَسُومُونَكُمْ } حال من آل فرعون أي سائميكم أو استئناف حكاية حال. ويقال: سامه خطة خسف أي كلفه.
فيكون { سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ } منصوباً مفعولاً ثانياً ليسوم وسوء العذاب الأعمال الشاقة من البناء والتخريب ونحت السواري من الجبال ونقل الحجارة وضرب اللبن وطبخ الأجر والنجارة والحدادة وضرب الخراج على ضعفتهم إلى غير ذلك مما يناسب هذه التكاليف وكان قومه جنداً وملوكاً.
وقرىء { يُذَبِّحُونَ } مشدداً دالاً على التكثير ويذبحون من ذبح اكتفاء بالمطلق والجملة مستأنفة أو حال من ضمير الرفع في يسومونكم أو بدل من يسومونكم أو معطوفة عليه حذف منها حرف العطف لثبوته في سورة إبراهيم.
{ أَبْنَآءَكُمْ } أي الأطفال.
{ وَيَسْتَحْيُونَ } أي يبقونهن أحياء.
{ نِسَآءَكُمْ } سمين بما يؤل إليه أمرهن للخدمة ولمن يفترشهن من أعدائهن. وقدم ذبح الأبناء على استحياء البنات لأنه أصعب وأشق إذ فيه إفساد الصورة بالكلية.
{ وَفِي ذَٰلِكُمْ } إشارة إلى السوم والذبح والاستحياء.
{ بَلاۤءٌ } شدة ومكروه.
{ مِّن رَّبِّكُمْ } دليل على أن الخير والشر من الله تعالى. فرق بين كذا وكذا فصل.
{ وَإِذْ فَرَقْنَا } قرىء مخففاً اكتفاء بالمطلق إذ معلوم التكثير بعدد الاسباط ومشدداً دلالة على التكثير. والباء في "بكم" للسبب أو المصاحبة أي ملتبساً بكم. والمعنى: جعلناه فرقاً بكم وهذا البحر يكون قريباً من مصر من بحارها يقال له اساف ويسمى اليوم بحر القلزم وفرقه قيل: عرضاً من ضفة إلى ضفة، وقيل: طولاً خرجوا إلى برية فلسطين وكان انفراق البحر بعدد الاسباط اثني عشر مسلكاً.
{ فَأَنجَيْنَٰكُمْ } أي من الغرق ومن إدراك فرعون لكم وثم محذوف أي وتبعكم فرعون وجنوده في تقحمه فأنجيناكم.
{ وَأَغْرَقْنَا } الهمزة للتعدية ويعدى أيضاً بالتضعيف.
{ آلَ فِرْعَوْنَ } لم يذكر آل فرعون فيمن لا غرق لأن وجوده معهم مستقر ولأنهم هم الذين سبق ذكرهم في السوم والتذبيح والاستحياء. وقد نص تعالى في غير هذا الموضع على فرقه وناسب نجاتهم من فرعون بإِلقائهم في البحر وخروجهم منه سالمين نجاة موسى على نبينا وعليه السلام من الذبح بإِلقائه في البحر وخروجه منه سالماً ولكل أمة نصيب من نبيّها وناسب دعوى الربوبية والاعتلاء انحطاط المدعى وتغييبه في قعر الماء.
{ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ } الجملة حال والنظر هنا من الأبصار أي وأنتم تبصرون هذه الخوارق من فرق البحر وانجاتكم وإغراق عدوكم.