التفاسير

< >
عرض

أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ
٧٥
وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قَالُوۤاْ آمَنَّا وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ قَالُوۤاْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ
٧٦
-البقرة

النهر الماد

كان المؤمنون من الأنصار بينهم وبين اليهود حلف وجوار فكانوا يودون إسلامهم.
والطمع تعلق النفس بإِدراك مطلوب تعلقاً قوياً.
{ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ } أي من اليهود لبعدهم عن الإِيمان.
{ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ ٱللَّهِ } أي من كتابهم التوراة أو من الوحي المنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
{ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ } أي يميلون به إلى غير جهته ويبدلون.
{ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ } أي فهموه ومع عقلهم له على وضعه يحرفونه عن وضعه.
{ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } ما في تحريفه من الاثم واستحقاق غضب الله فمن كانت حاله هذه لا يطمع في إيمانه وأبناؤهم تابعو أسلافهم في البعد عن الخير والإِيمان. ثم ذكر من نفاقهم موافقة المؤمنين بقولهم.
{ قَالُوۤاْ آمَنَّا } ومن خبثهم كونهم لا ينطقون بمتعلق آمنا. والجملة من قوله: { وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ } في موضع الحال، أي في طماعيتكم في إيمان هؤلاء مع أن حال أسلافهم أو حال فريق من الحاضرين منهم هذه الحال مستبعدة لا تجامع هذه الحال.
{ وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ } أي انفرد بعضهم ببعض.
{ قَالُوۤاْ } أي المنفرد على سبيل العتاب.
{ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ } من وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم وما جرى لأسلافكم من المغازي وما حل بهم من النقم والفتح الاعلام أي بما أعلمكم أو الحكم أي بما حكم الله عليكم أو على أسلافكم وحدث هنا تعدت إلى واحد بنفسها وإلى الآخر بحرف الجر واللام في.
{ لِيُحَآجُّوكُم } تتعلق بأتحدثونهم وهي لام كي على تجوز لأن الناشىء عن شيء وإن لم يقصد كالعلة وكونها للصيرورة قول مشهور والضمير في "له" عائد على ما الموصولة الاسمية.
{ عِنْدَ رَبِّكُمْ } أي في الآخرة. فقول ابن أبي الفضل: ان الصحيح أن يكون عند ربكم متعلقاً بقوله:
{ بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ }، أي من عند ربكم ليحاجوكم. قال: لأن الاحتجاج عليهم بما كان في الدنيا ليس بصحيح للفصل بين عند والعامل فيها الذي هو فتح بقوله:
{ لِيُحَآجُّوكُم } وهو أجنبي منهما إذ هو متعلق بأتحدثونهم على الأظهر.
{ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } داخل تحت قوله:
{ قَالُوۤاْ أَتُحَدِّثُونَهُم } أي بما يكون حجة لهم عليكم.
{ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } ما في ذلك من التسليط عليكم وإظهار الحجة وذهب الزمخشري إلى أن بين الهمزة والفاء في نحو: أفلا تعقلون وبين الهمزة والواو في نحو: أولاً، وكذا! فلم يسيروا، أو لم يروا فعلاً محذوفاً عطف عليه ما بعده كأنه يقدر أجهلتم أفلا تعقلون أمكثوا فلم يسيروا ومذهب النحاة ان الواو والفاء وثم بعطف ما بعدها على الجملة التي قبل الهمزة والهمزة متأخرة في التقدير وقدمت لأن الاستفهام له صدر الكلام وقد رجع الزمخشري إلى قول النحاة في ذلك إذ لم يطرد له الحذف في مواضع.