{ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا } الآية، وصيا أمرنا أو عهدنا إليهم وإليكم.
و{ مِن قَبْلِكُم } يحتمل أن يتعلق بأوتوا وهو الأقرب أو بوصينا، والمعنى أن الوصية بالتقوى هي سنة الله سبحانه وتعالى مع الأمم السابقة.
{ وَإِيَّاكُمْ } ضمير منفصل منصوب معطوفاً على الذين وفي الممتحنة يخرجون الرسول وإياكم قدم الموصول على الضمير لتقدمه في الزمان وقدم في الممتحنة لشرف الرسول ومثل هذا فصيح في الكلام، نحو: رأيت زيداً، وإياك ومن خص ذلك بالشعر كابن عصفور والآبدي فهو واهم.
و{ أَنِ ٱتَّقُواْ } يحتمل أن تكون مصدرية أي بأن اتقوا الله، وأن تكون مفسرة التقدير أي اتقوا الله.
{ وَكَانَ ٱللَّهُ غَنِيّاً } أي عن خلقه وعن عبادتهم لا تنفعه طاعتهم ولا يضره كفرهم.
{ حَمِيداً } أي مستحقاً لأن يحمد لكثرة نعمه وإن كفرتموه أنتم.
{ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ } الباء زائدة في فاعل كفى ولذلك سقطت في قول الشاعر:
كفى الشيب والإِسلم للمرء ناهياً
فإِن كانت كفى بمعنى وقى، فلا تزاد الباء في فاعلها كقوله تعالى: { وَكَفَى ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلْقِتَالَ } [الأحزاب: 25]، أي وقاهم. فلا يجوز في الكلام كفى بالله المؤمن الشر. { أَيُّهَا ٱلنَّاسُ } عام يدخل على قدرة الله تعالى في إذهاب من شاء وإتيان من شاء وقد خصّه قوم بمن كان يعادي رسول الله صلى الله عليه وسلم من العرب وغيرهم { وَيَأْتِ بِآخَرِينَ } أي بناس آخرين غيركم. ومدلول آخر أن يكون من جنس ما قبله، نحو: رأيت زيداً وآخر فلا يكون آخر من غير جنس زيد ولو قلت: اشتريت فرساً وآخر، لم يكن آخر إلا من جنس الفرس. وأجاز الزمخشري وابن عطية في قوله: بآخرين أن يكونوا من غير جنس الناس وهو خطأ لأن غير تقع على المغايرة في جنس أو وصف وآخر لا تقع إلا على المغايرة من الجنس.