التفاسير

< >
عرض

فَلَمَّآ أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ مَّتَاعَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
٢٣
-يونس

تيسير التفسير

{ فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ } إِلى البر كما دعوا إِجابة لدعائِهم { إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِى الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ } بالإِشراك وسائِر المعاصى بلا بطءٍ فإِن إِذا للمفاجأَة، والبغى بمعنى مجاوزة الحد قد يكون بالحق كقتل المشركين وهدم دورهم وقطع أَشجارهم وإِحراق زروعهم كما فعل صلى الله عليه وسلم بقريظة، وكقتل الخضر الغلام وخرق السفينة، فاحترز عنه بقوله بغير الحق، وهذا كما قال طغى الماءُ، وأَولى من هذا أَن يكون بغير الحق تأْكيداً ليبغون، أَو بغير الحق عندهم ولا سيما عند غيرهم. { يَا أَيُّهَا النَّاسُ } هو على عمومه لا على خصوص أَهل مكة { إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ } فلا تحوموا حوله، والعاقل لا يسعى فى إِهلاك نفسه فإِن عاقبته عليكم ولو أَوقعتموه على غيركم.

يا صاحب البغى إِن البغى مصرعه فارجع فخير فعال المرءِ أَعدله
فلو بغى جبل يوماً على جبل لاندك منه أَعاليه وأَسفله

وسمى الإِثم بغيا لأَن البغى سببه وملزومه، أَو يقدر مضاف أَى إِثم بغيكم أَو وبال بغيكم، أَو شبه على طريق الاستعارة بغيه على غيره بإِيقاعه على نفسه لأَن العقاب عليه كما قال: ومن أَساءَ فعليها، أَو أَنفسكم أَمثالكم على العموم، وهذا أَولى، أَو أَبناءِ جنسكم على الخصوص لأَنهم كنفس واحدة، وهو استعارة، وعلى أَنفسكم خبر وقوله { مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } خبر ثان أَو خبر لمحذوف أَى هو متاع ومتعلق ببغى ومتاع خبر أَى تتمتعون به قليلا لأَن الدنيا كلها قليلة فكيف عمر الإِنسان منها { ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ } عطف على قوله إِنما بغيكم إِلخ، عطف قصة على أُخرى، أَو على محذوف أَى تتمتعون قليلا ثم إِلينا، وفى هذا عطف للاسمية على الفعلية لقصد الثبات والحصر بتقديم الظرف { فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } نجازيكم.