التفاسير

< >
عرض

وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً إِنَّ ٱلظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ ٱلْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ ٱللَّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ
٣٦
-يونس

تيسير التفسير

{ وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنَّا } أَى كلهم لأَنهم لا يقين لهم كما يستعمل القليل بمعنى العدم كقوله:

قليل التشكى للمصيبات حافظ من اليوم أَعقاب الأَحاديث من غد

فإِنه أَراد نفى أَنواع التشكى كلها، وحمل النقيض على النقيض حسن وطريقة محمودة مسلوكة. ويجوز إِبقاءُ الكثرة على ظاهرها باعتبار أَن منهم لم يظن بلا جزم بالأُلوهية للأَصنام أَو باعتبار أَن منهم من قاس بلا ظن والأَكثر أَعملوا فكرهم وما تحصلوا على غير الظن بأَن قاسوا الله على الخلق، فأَنكروا أَن يقدر على البعث، أَو باعتبار أَن أَكثرهم ظنوا والقليل علم الحق ولم يظن لكن عاندوا ما قيل أَن منهم قليلا يؤمنون بعد فنفى عنهم الظن لأَنهم سينفى عنهم الظن تجوزا باعتبار الأَول فهو بعيد وقيل أَنها للناس عموماً فلا إِشكال { إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِى } لا يدفع { مِنَ الْحَقِّ } العلم وضد الباطل ومن تبعيضية وهو حال من قوله { شَيْئاً } مفعول به ليغنى أَو لا يغنى لا يكفى فيما لا يجوز فيه الشك فالحق الاعتقاد الجازم الصحيح المطابق للواقع، وشيئاً مفعول مطلق والمفعول محذوف أَى لا يغنيهم إِغناءً، فمن بمعنى عن متعلق بيغنى { إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ } وعيد لهم عن اتباع الظن والإِعراض عن الدلائِل الظاهرة وهو أَعظم إِرهاباً وتهويلا من أَن يقال إِن الله سيجازيهم على ذلك.