التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتاً أَوْ نَهَاراً مَّاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ ٱلْمُجْرِمُونَ
٥٠
-يونس

تيسير التفسير

{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ } أَخبرونى. عبر عن الإِخبار بالرؤية لأَنها سببه، وعن الأَمر بالاستفهام لاتفاقهما فى الطلب ولأَن الاستفهام أَمر بالإِفهام ومفعوله جملة ماذا يستعجل منه المجرمون بالتعليق بالاستفهام وعلى تعديته لاثنين يقدر أَحدهما تقديره أَرأَيتم عذاب الله من مطلق الحذف لدليل وهو هنا عذابه، أَو تنازع مع أَتى فى عذابه والاستفهام تعجيب { إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ } جوابه مستغنى عنه بقوله{ أَرأَيتم... ماذا يستعجل منه المجرمون } أَو محذوف تقديره تندموا أَو بين خطأَكم لا جملة ماذا يستعجل منه المجرمون، وإِلا قرن بالفاءِ لأَنه جملة اسمية وأَيضاً استفهامية، وما أَوهم خلاف ذلك قدر فيه الجواب، ولا ترض بما قال الرضى وغيره، والمراد بعذابه المستعجل به فى قولهم متى هذا الوعد إِنكار واستبعاد له وإِن للشك بالنسبة إِلى وقوع العذاب فى نفس الأَمر لأَنه غير واجب وجود فقد لا يقع والله عالم أَيقع أَم لا. { بَيَاتاً } كقوم لوط، مصدر نائِب عن ظرف الزمان كجئْت طلوع الشمس أَى وقت بيات وهو وقت الاشتغال بالنوم وهو الليل كما قابله بقوله { أَوْ نَهَاراً } كقوم شعيب وأَو للتنويع كما رأَيت أَو للترديد باعتبار الخلق وقت القيلولة من النهار أَو مطلقاً لأَن النهار كله وقت الغفلة بنحو المعاش، كما أَن الليل وقت الغفلة بالنوم، ويدل لإِرادة وقت القيلولة قوله أَو هم قائِلون، ويجوز أَن يكون بياتا اسم مصدر ظرفاً أَى وقت تبييت وهو الوقت الذى يغار فيه على القوم مثل قرب الفجر أَو عقب الفجر كوقت القيلولة من النهار فى الغفلة { مَّاذَا } اسم مركب مفعول لقوله { يَسْتَعْجِلُ } أَو مبتدأٌ أَو خبر وذا بمعنى الذى صلته قوله يستعجل { مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ } والرابط محذوف أَى ما الذى يستعجله منه أَى من العذاب، وقيل من الله والمجرمون المشركون من وضع الظاهر موضع المضمر ليصفهم بالإِجرام ففيه طريق الالتفات من الخطاب إِلى الغيبة، والأَصل ماذا تستعجلون، والاستفهام تعجيب وإِنكار للياقة، لا يليق بعاقل أَن يستعجل نوعاً من العذاب ولا فرد، أَو لا يتعرض لموجبها من تكذيب لكلام الله ومن سائر الكبائر، ثم إِنه لا يخفى أَنه لا يستعجل الشىءَ بعد حضوره لأَن تحصيل الحاصل غير ممكن عقلا، فمعنى الآية إِن أَراد الله إِتيانه بياتاً أَو نهاراً لوقته فما وجه استعجاله قبل وقته، أَو نزل استعجالهم قبل وقته منزلة استعجاله بعد مجيئه فى الاستحالة على دنوه كوقوعه كقولك لغريمك زجرا عن تقاضيه: إِذا قضيتك فماذا تطلب؟ نزلت تقاضيه قبل إِعطائكه منزلته بعده، أَو المراد إِن أَتاكم أَمارة استعجاله، وهاءُ يستعجله للبعض المعبر عنه بماذا، ومنه حال من الهاءِ أَو من ماذا إِذا كان اسماً واحدا، ومن للتبعيض، ولك جعلها للبيان على أَن المراد مطلق العذاب لا بعضه، ومنه حال لذلك أَو من للابتداءِ بلا تجريد أَو به كقولك رأَيت منه أَسداً، جرد من العذاب أَمراً هائلا متولداً منه.