التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَآءٌ لِّمَا فِي ٱلصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ
٥٧
-يونس

تيسير التفسير

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ } أَهل مكة أَو الناس كلهم، وهذا استمالة لهم إِلى الحق وطريق صحة النبوءَة بعد ذكر طرق الدلالة على الوحدانية { قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءُ لِّمَا فِى الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ } هذه الأَربعة كلها شىءٌ واحد وهو القرآن، ونكرت للتعظيم. نزلت لتغايرها وصفاً منزلة تغاير الذوات فساغ العطف كما شهر أَن العطف يقتضى التغاير غالباً، جاءَكم من الله القرآن الجامع للوعظ والشفاءِ والهدى والرحمة، والموعظة مصدر ميمى بمعنى الوعظ وهو إِرشاد المكلف ببيان ما ينفعه من محاسن الأَعمال وما يضره من القبائح، وذكر الثواب والعقاب والترغيب فى المحاسن والزجر عن القبائح، ومن للابتداءِ ولا حاجة إِلى التبعيض على تقدير من مواعظ ربكم، والشفاء إِزالة ما يشبه المرض فى الضرر والإِهلاك من سوءِ الاعتقاد والشكوك، ويلتحق بذلك ذنوب الجوارح واللسان والهدى والإِرشاد عن الضلال إِلى اليقين وهو الحق، والرحمة إِنعام الله على المؤمنين بإِنزال القرآن الذى ينجون به من النار ويفوزون بالجنة، وكذا للكفار ولكن أَعرضوا عنه فلم ينالوا، والهدى هنا بيان لا هدى إِيصال كما قيل، لأَن هدى الإِيصال لله لا للقرآن، ولا شك أَن لقراءَة القرآن عموماً بركة يذهب به أَمراض البدن عموماً بإِذن الله تعالى على طريق الدعاء والتبرك، أَو بلا قصد الشفاءِ به، وجاءَ رجل إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو صدره فقال صلى الله عليه وسلم: " اقرأْ القرآن" ، يقول الله تعالى شفاءٌ لما فى الصدور، وليس على ظاهره من أَن معنى الآية أَن القرآن دواء لوجع الصدر بل معناه أنه دواءٌ لدنس القلوب بنية المعاصى بل قياس منه صلى الله عليه وسلم للمرض الحسى على المرض المعقول من الذنب، وذلك كما أَنه يقرأُ صلى الله عليه وسلم المعوذتين ويمسح على بدنه لوجع، وكذا شكا إِليه رجل وجع الحلق فقال: "عليك بقراءَة القرآن" ، بل قد يكون المرض المعنوى سبباً للحسى، فيقرأُ القرآن ليزول المعنوى الذى هو سبب الحسى، وجاءَ أَحاديث فى أَن الذنوب تجر المصائِب والأَمراض، ويقال: لله دَر الحسد ما أَعدله، بدأَ بصاحبه فقتله.