التفاسير

< >
عرض

فَلَمَّا جَآءَ ٱلسَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُّوسَىٰ أَلْقُواْ مَآ أَنتُمْ مُّلْقُونَ
٨٠
فَلَمَّآ أَلْقَواْ قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئْتُمْ بِهِ ٱلسِّحْرُ إِنَّ ٱللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ ٱلْمُفْسِدِينَ
٨١
-يونس

تيسير التفسير

{ فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُّوسَى } بعد ما قال لهم وقالوا له ما قالوا فى آىٍ أُخر { أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ } من الحبال والعصى لأَنه شاهدها وعلم أَنها للسحر، والإِلقاء عبارة عن استعمالها، وذلك بعد ما قالوا: { إِما أَن تلقى وإِما أَن نكون أَول من أَلقى } [طه: 65]، والأَمر للتهديد وللإِذن فى تقديم ما هم فاعلوه ولا بد توسلا به إِلى إِظهار الحق وإِلا فالسحر لا يجوز الأَمر به لأَنه ذنب، وتقدم كلام فى هذا والرابط محذوف، أَى ما أَنتم إِياه ملقون أَو ملقون له بلام التقوية، أَو ملقوه بالإِضافة لا ملقون إِياه بضمير الفصل لإِمكان الاتصال:
{ فَلَمَّا أَلْقَوْا } تلك الحبال والعصى { قالَ مُوسَى مَاجِئْتُمْ بِهِ السّحْرُ } الذى جئْتُم به هو السحر لا غيره، فتعريف الطرفين للحصر الإِضافى كأَنه قيل لاما جئْت به من الحق فإِنه ليس سحراً ولو سماه فرعون سحرا، وأَلـ للجنس لا للعهد لأَن السحر المتقدم ما جاءَ به موسى، وهذا ما جاءَ به السحرة اللهم إِلا باعتبار السحر مطلقا هكذا أَو حقيقته، أَو على طريق الاستخدام بالظاهر كما يستخدم بالضمير، ويجوز أَن يكون السحر بدلا من ما والخبر هو قوله تعالى: { إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ } ويجوز أَن تكون ما استفهامية والخبر ما جئْتُم به والسحر بدل من ما الاستفهامية، فتقدر الهمزة فيه، أَو خبر لمحذوف أَى هو السحر والاستفهام تقرير أَو توبيخ على فعل المعصية، ومعنى الإِبطال الإِفساد أَن لا يؤثر أَو إِظهار للناس إِنه لا ينفع أَو إِفناؤه كما أَنه أَفناه بالعصا كقوله: إِذا ما انتسبنا لم تلدنى لئِيمة. أَى ظهر أَنى لم تلدنى لئِيمة { إِنَّ اللهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَل الْمُفْسِدِينَ } لا يثبته، بل يرده عليهم بالعقاب فى الدنيا أو الآخرة أَو فيهما، وعمل المفسدين عمل بفعل السحر وغيره من المعاصى، واختار التعبير بالإِفساد ليشير إِلى أَن السحر إِفساد وتمويه باطل لا حقيقة له، كما أَنه يرى الحبال والعصا تسعى وهى غير ساعية، وبعض السحر له تأْثير بالله تعالى وحقيقة كسحر اليهود للنبى صلى الله عليه وسلم حتى أَنه يرى أَنه فعل شيئاً وهو لم يفعله ومرض به، والجملة تعليل لقوله إِن الله سيبطله والمراد بالمفسدين العموم كما رأَيت أَو المخاطبون وعملهم أَو مطلق عملهم الشامل له ولغيره، وكذا المجرمون عام أَو هؤلاءِ.