التفاسير

< >
عرض

كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ
٣
ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ
٤
كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ ٱلْيَقِينِ
٥
لَتَرَوُنَّ ٱلْجَحِيمَ
٦
ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ ٱلْيَقِينِ
٧
-التكاثر

تيسير التفسير

{ كَلاَّ } ارتدعوا عن اللهو بالتكاثر عن الدين والآخرة - فإن عاقبته وخيمة.
{ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } عاقبة التكاثر سوءا فحذف المفعولان أو تعرفون عاقبته بعينها وتميزونها.
{ ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } كالأولين لكن هذا لعلم أفخم بدليل ثم أى تعلمون علماً أقوى من الأول وليس تأكيداً للأَول بدليل العطف فإن الأَصل فى التأكيد أن لا يكون بالعطف ولو كان قد يقع واللغويون منعوه وأجازه النحويون والمفسرون كالحسن ومجاهد والضحاك والكلبى وثم لتراخى الرتبة كما رأيت وقال على للتراخى فى الزمان الأول فى القبور والثانى بعد البعث وقال الضحاك الأول زجر للكافرين وتقريع والثانى للمؤمنين أو تشريف لهم وذلك تحكم لا دليل عليه وفيه تعدد الخطاب وتعدد المخاطبين بلا تمييز وإنما يجوز ذلك بتمييز مثل قم وقومى فى خطاب مذكر ومونث ومثل
{ { يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك } [يوسف: 29] وأيضاً كيف يكون كلا سوف تعلمون تشريفاً للمؤمنين وإنما يظهر فى الزجر مطلقاً.
{ كَلاَّ } تأكيد للأَول أو ردع عما يتضمنه ما بعد من خلودهم عن علم اليقين.
{ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ } لو تعرفون ما بين أيديكم من الأهوال، علم اليقين مفعول مطلق مضاف لنعته اى العلم اليقين ويرجع ذلك إلى إضافة البيان أى علما هو اليقين على أن اليقين بمعنى المتيقن به لا باق على المعنى المصدرى وإن أبقى صح فلا تكون الإضافة كذلك بل مجرد اضافة تقييد، ويجوز كونه وصفاً لمحذوف أى علم الأمر لموقن به كعلمكم بالأمر الذى توقنون به، وفى الآية إشارة إلى انه لا يكفى العلم ما لم يكن يقيناً فإذا كان فى المشرك من أول الأمر فأَولى أن يخص به الموحد ولا يخفى أن العلم قد يطلق على عين اليقين وجواب لو محذوف أى لازدجرتم عن الإشراك والمعاصى والتكاثر أو لبالغتم فى الامتثال أو نحو ذلك.
{ لَتَرَوُنَّ } بأبصاركم أيها المشركون، وعن على ما زلنا نشك فى عذاب القبر حتى نزلت ألهاكم التكاثر.
{ الْجَحِيمَ } وتدخلونها جواب قسم مستأنف أى والله لترون الجحيم تهديد وتأكيد للوعيد وجواب لولا يؤكد بالنون خلافاً لبعض إذ قال إنه جواب لو وأن المعنى سوف تعلمون الجزاءَ علم اليقين الآن لترون الجحيم أى لتكونن الجحيم دائماً فى نظركم لا تغيب عنكم وليس كذلك إذ لا يتبادر ولا دليل عليه ولو كان ذلك أمراً صحيحاً وليس كل ما صح يفسر به القرآن ولعل داعيه إلى ذلك دعوى مناسبة ذلك لقوله تعالى:
{ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ اليَقِينِ } بأن تكون تلك رؤية قلبية ملازمة للقلب وهذه رؤية مشاهدة كما قيل الأُولى إذا رأتهم من مكان بعيد والثانية إذا وردوها أو إذا دخلوها أو الأُولى إذا ورودها والثانية إذا دخلوها والجمهور على أنها تأكيد للأُولى ثم رأيته نصاً وثم للأبلغية وقيل الروايتان عبارة عن تعدد الرؤية بعد دخولها بلا نهاية كما كثر استعمال التكرير ولو بالتثنية ككرتين ولبيك وهو ضعيف لأن من هو فيها لا يستحسن أن يقال يراها أو يشاهدها مرة بعد أُخرى إلاَّ أن تعتبر الزيادة الحادثة لأَنها تحدث للنار مزيد حرارة وعين اليقين رؤية المشاهدة فإنها نفس اليقين وعين بمعنى نفس وهو على حذف مضاف أى رؤية عين اليقين وهو مفعول مطلق وقيل تنازع فيه الروايتان على قول الجمهور أن الثانية تأكيد للأُولى واليقين العلم لا شك فيه وهذا فى اللغة وأما فى الاصطلاح فاعتقاد الشىء أنه كذا مع اعتقاد أنه لا يمكن إلاَّ كذا اعتقاداً مطابقاً للواقع غير الممكن الزوال وقيل سكون النفس مع ثبات الفهم وعلم اليقين العلم بما أعطاه الدليل من إدراك الشىءِ على ما هو عليه وعين اليقين ما أعطاه الكشف والمشاهدة وبعد ذلك حق اليقين فعلم العاقل بالموت علم اليقين وإذا عاين ملائكة الموت فعين اليقين وإذا ذاق الموت فحق اليقين.