التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ
٨
-التكاثر

تيسير التفسير

{ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ } أيها الكفار أو يأكل من ألهته دنياه عن دينه مشركاً أو موحداً فاسقاً، وقيل أو موحداً موفياً.
{ يَوْمَئِذٍ } يوم إذ رأيتموها من بعيد قبل دخولها.
{ عَنِ النَّعِيمِ } صحة البدن والعقل والمأكول والمشروب والملبوس والمركوب والجماع والمسكن والمفرش والماء البارد والظل والنوم وإذهاب ما يحدث من المصائب وجاءَ فى الحديث عن أبى الدرداءِ عنه - صلى الله عليه وسلم - أكل خبز البر والنوم فى الظل وشرب ماء الفرات مبرداً وعن ثابت البنانى كسرة تقوته وماء يرويه وثوب يواريه، وعن ابن عباس سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول الخصاف والماء وفلق الخبز، وعن ابن عباس مرفوعاً الأَمن والصحة، وعن على العافية، وعن بعضهم الصحة والمال والفراغ، وفى البخارى عن ابن عباس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
"نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ" وعن ابن عباس صحة الأبدان والأبصار يسأَل العبد فيم استعمل ذلك وقيل الإسلام وقيل محمد - صلى الله عليه وسلم - إذ هدى من الضلال، وعن ابن مسعود الأَمن والصحة وقيل القدر الزائد على ما لا بد منه من ملبس ومسكن ومشرب ومأكل، وقال الحسن بن الفضل تخفيف الشرائع وتيسير القرآن، ومن ذلك ما أكله النبى - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر من عدق فيه رطب وبسر وتمر ولحم شاة ذبحها لهم أبو أيوب ولما أكلوا قال - صلى الله عليه وسلم - "هذا النعيم الذى تسألون عنه" كذا فعل أبو أيوب لهم ولما أكلوا وشربوا ماءَ بارداً قال هذا هو النعيم الذى تسألون عنه إلا أنه شوى لهم لحم جدى وطبخ وقال أخرجكما من بيوتكما الجوع ولم ترجعا حتى أصابكما هذا النعيم وذلك أنه لقيهما فقال "ما أخرجكما قالا الجوع فقال - صلى الله عليه وسلم - والله ما أخرجني إلاَّ الجوع فأتى بهما دار أبي أيوب فقالت زوجه ذهب يستسقي الماءَ العذب فجاءَ فقال الحمد لله لا أحد أفضل ضيفاً منا اليوم فلما هيأَ الرطب والبسر ذهب للذبح فقال - صلى الله عليه وسلم - إياك والحلوب" ، وفي الترمذى عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "يسأَل العبد عن النعيم ألم نصح جسدك ونروك من الماء البارد" ، وفى الترمذى لما نزلت الآية قال الزبير أى نعيم يا رسول الله ما هما إلاَّ الماءَ والتمر فقال - صلى الله عليه وسلم - سيكون أى سيكون ما هو أعظم قال "لا تزول قدم عبد حتى يسأَل عن أربع عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيم أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقته وعن علمه ماذا عمل به" قلت مراد هؤلاءِ التمثيل فالمراد فى الآية ذلك كله وزيادة ألا ترى أنه ذكر ماءَ الفرات وليس كل أحد له ماء الفرات وألاّ ترى التمثيل بفلق الخبز تنبيهاً على أنها من النعم ولو دقت وألا ترى ذكر العافية تنبيهاً على أن النعم لا تختص بالمأكول والمشروب وإلى ذكر الدين تنبيهاً على أن النعم لا تختص بالدنيا بل تشمل الدين أترى ما أكله النبى - صلى الله عليه وسلم - والعمران أكله الناس كلهم أترى ما أكلوه عند الرجلين هو النعم فقط عليهم فالنعم عامة والمسئول عام والسؤال سؤال توبيخ للكفار والفساق وسؤال تذكير للمؤمنين وقيل الخطاب والسؤال للمشركين بعد دخول النار كما يسألون عن غير ذلك مثل { { أَوَلَم تك تأتيكم رسلكم بالبينات } [غافر: 50] وذكرت الشيعة وهم كاذبون أن النعم دين الإسلام على أيدى النبى - صلى الله عليه وسلم - وذريته لا غير ذلك من النعم وأنها الإصلاح بين الناس الأنصار وغيرهم والهدى بعد الضلال وإذهاب الفتنة ولو ذكروا ذلك مع ما تقدم لم نشنع عليهم وجاءَ أنه لا يسأل العبد عن ظل الخص وكسرة يقيم بها صلبه وثوب يستره أى لا يناقش فيهن وعنه - صلى الله عليه وسلم - " من قرأ في ليلة ألف آية لقي الله تعالى وهو عنه راض فقيل من يقوى على ذلك يا رسول الله فقرأ سورة التكاثر فقال والذي نفسى بيده لتعدل ألف آية" والله أعلم اللهم وفقنا وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.