التفاسير

< >
عرض

إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ ٱلْكَوْثَرَ
١
-الكوثر

تيسير التفسير

فوعل من الكثرة المفرطة وهو صيغة مبالغة وهو صفة لمحذوف أى الخير الكوثر ومذهب الجمهور أنه نهر فى الجنة قال - صلى الله عليه وسلم - "هل تدرون ما الكوثر قالوا الله ورسوله أعلم قال: هو نهرٌ أعطانبه ربى فى الجنة عليه خير كثير ترد عليه أمتى يوم القيامة آنيته عدد الكواكب يختلج العبد منهم فأقول يا رب إنه من أُمتى فيقال إنك لا تدرى ما أحدث بعدك" ويروى "يذاد عنه رجال من أصحابى فأقول يا رب أصحابى فيقال ما تدرى ما أحدثوا بعدك، فأَقول سحقاً سحقاً" قال أنس دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال "قد أعطيت الكوثر قلت يا رسول ما الكوثر قال نهر فى الجنة عرضه وطوله ما بين المشرق والمغرب لا يشرب منه أحد فيظمأ ولا يتوضأ منه أحد فيشعت أبداً، لا يشرب منه من أخفر ذمتى ولا من قتل أهل بيتى" ، وعن عائشة هو نهر فى الجنة عمقه سبعون ألف فرسخ ماؤه أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل شاطئاه الدر والياقوت والزبرجد خص الله به نبيه محمداً - صلى الله عليه وسلم - من بين الأَنبياءِ عليهم السلام وقالت ليس أحد يدخل إصبعه فى أذنيه إلاَّ سمع خرير ذلك النهر أى صوته كصوت الأُذنين إذا سدتا، وعن أنس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " دخلت الجنة فإذا أنا بنهر حافتاه خيام اللؤلؤ فضربت بيدي إلى ما يجري في الماء فإذا مسك أذفر قلت ما هذا يا جبريل؟ قال هذا الكوثر الذي أعطاكه الله تعالى" وقيل هو حوضه في المحشر ينصب فيه ماء من عينه في الجنة قيل هو قريب من الجنة حيث يحتبس أهلها ليحالوا من المظالم بينهم فى الأرض المبدلة، وعلى نهره فى الجنة طير أعناقها كأعناق الجزور قال عمر هى ناعمة فقال - صلى الله عليه وسلم - "اكلها أنعم" "وعنه - صلى الله عليه وسلم - "حوضي كما بين جرباء وأدرج" وهما قريتان فى الشام بينهما ثلاثة أيام ويروى كما بين صنعاء والمدينة ويروى ما بين المدينة وعمان بفتح العين وشد الميم موضع فى الشام ويروى ما بين صنعاء وأيلة ويروى ما بين صنعاءِ والمدينة، ويروى ما بين أيلة وعدن واختلاف الروايات يدل على أن المراد التمثيل بالوسع لكل أحد بما يعقل وبين أيلة والمدينة خمس عشرة مرحلة وأيلة آخر الحجاز وأول الشام والمخصوص به هو هو الذى فى الجنة وأما فى المحشر فلكل نبى حوض وأنهم يتباهون أيهم أكثر واردة وإنى ارجو أن أكون أكثرهم واردة، وقيل الكوثر أولاده لأَن السورة رد على من قال أبتر، وقيل أصحابه وأشياعه إلى يوم القيامة وقيل علماء أمته، وعن الحسن أنه القرآن وفضائله لا تحصى وقيل تيسير القرآن وتخفيف الشرائع، وقيل الإسلام، وقيل التوحيد، وقيل النبوة، وقيل نور قلبه - صلى الله عليه وسلم - وقيل العلم والحكمة، وقيل إيثاره غيره على نفسه فى المنافع، وقيل فضائله، وقيل المقام المحمود، وقيل الخير الكثير والنعم الدنيوية والأُخروية من الفضائل والفواصل وما خص فهو تمثيل لا حصر ومعنى أعطيناك الكوثر ملكناكه من الآن وستقبضه يوم القيامة وفى هذا غنى عن قولك الماضى بمعنى المضارع، وفى الخطاب مزيد تعظيم وتبشير وأنه مجرد فضل ولو قيل أعطينا الرسول أو النبى أو نحو ذلك من المشتقات فربما توهم أنه أعطيه لمضمون ذلك المشتق من الرسالة أو النبوة أو نحو ذلك.