التفاسير

< >
عرض

إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلأَبْتَرُ
٣
-الكوثر

تيسير التفسير

{ إنَّ شَائِنَكَ } مبغضك مطلقاً كالعاصى بن وائل كما فسر ابن عباس والجمهور وعقبة بن معيط كما فسر به شمر بن عطية وكأبى جهل كما فسر به بن عباس فى رواية وكمشركين قالوا أبتر لما مات ابنه إبراهيم فى رواية عن أبى أيوب، وكأَبى لهب كما فسر به عطاءِ، وعن ابن عباس كعب بن الأَشرف وجماعة من قريش، ويروى أنه دخل مكة وقالوا له إنك سيد المدينة ونحن أهل الكعبة فنحن خير أم هذا الأَبتر أو نحن خير أم هذا الصنبور فقال أنتم فنزل فيه { { ألم تر إلى الذين أُوتوا نصيباً من الكتاب } [آل عمران: 23، النساء: 44، 51] إلخ، وفيهم إِن شانئك هو الأَبتر والصنبور ما ينبت فى أصل النخلة يقطع فتستريح منه هكذا محمد نستريح منه إذا مات، وقيل الوحيد الضعيف الذى لا ناصر له لا قريب ولا بعيد، والصحيح العموم بل هؤلاءِ التخصيصات سبب النزول وسببه لا يمنع عموم الحكم وشانىء اسم فاعل للاستمرار فشمل الماضى أو هو للماضى فإضافته محضة فصح الإخبار عنه بالمعرفة ومجىء ضمير الفصل وإن جعلنا هو مبتدأ فالخبر جملة لا معرفة فيجوز حمله على المضى أو على الحال أو على الاستقبال أو الاستمرار وعلى كل حال المراد من استمر على البغض فيخرج من تاب.
{ هُوَ الأبْتَرُ } المنقطع النسل والذكر الحسن وأما أنت فذريتك وحسن ذكرك وآثار فضلك باقية كثيرة ملأت الأرض إلى آخر الدهر والحمد لله تعالى ولك فى الآخرة ما لا تحيط به دائرة وانقطع نسل هؤلاء الشانئين له ولم يبق لهم ابن ولا بنت وقيل انقطع نسل بعض حقيقة ونسل بعض حكماً بأن أسلم فقطع الإسلام بينه وبين أبيه وجده لا يلحق أباه ولا جده دعاء ولا عمل صالح منه وأكبر ولده - صلى الله عليه وسلم - القاسم ثم زينب ثم عبد الله ثم أُم كلثوم ثم فاطمة ثم ورقية رضى الله عنهم، مات القاسم بمكة ثم مات عبد الله فقال العاصى انقطع نسله فهو أبتر وكان عقبة يقول لا يبقى لمحمد عقب فهو أبتر، وعن أبى أيوب لما مات إبراهيم ليلاً قال بعض المشركين لبعض إن هذا الصابىءَ قد بتر الليلة واعترض نسبة ذلك إلى أبى جهل بأَنه مات لعنه الله قبل موت ابراهيم ولا أسلم هذا الاعتراض لظهور أن إبراهيم مات قبل بدر وأبا جهل فى بدر والسورة مدنية عند الجمهور وهو الصحيح قال أنس
"أغفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إغفاءَة فرفع رأسه مبتسماً فقال أنزل عليَّ آنفا سورة فقرأ سورة الكوثر" وقيل نزلت بمكة ونزلت أيضاً والمدينة، أسأَلك اللهم أن تسقنى من الكوثر والله المستعان وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.