التفاسير

< >
عرض

فَٱسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
١١٢
-هود

تيسير التفسير

{ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ } هو صلى الله عليه وسلم مستقيم لكن جاءَ الكلام إِلهابا له، أَو المراد دم على الاستقامة أَو زد منها، وقيل استفعل للطلب والكاف بمعنى على أَى اطلب على الدين { وَمَنْ تَابَ } من الشرك وآمن { مَعَكَ } والعطف على ضمير استقم لوجود الفاصل ولا حاجة إِلى جعل من فاعلا لمحذوف أَى وليتب من تاب معك ففعل الأَمر يرفع الظاهر بواسطة العطف ولو كان لا يرفعه بدونها، والكاف بمعنى على وما مصدرية أَى استقم على أَمرى، أَو اسم والمعنى على ما أُمرت به فحذف الرابط ولو لم يجر الموصول بما جر به ولو اتفق عاملهما، أَو ضمن أُمرت معنى أُلزمت أَو الكاف على أَصلها أَى استقم استقامة مثل الاستقامة التى أُمرت، إِما على معنى استقم فى الحال وبعد كما استقمت قبل وإِما على أَن مطلوب الأَمر كلى والمأْْمور به جزئِى على حد: صل ركعتين كما أُمرت، ولا غرابة فيه، وإِما على أَن الشىءَ باعتبار الأَمر به غيره باعتبار وقوعه، فصح التشبيه، وقد قيل الآية كقولك مثلك لا يبخل والمراد أَداءُ الفرائِض فعلا وتركا كالقرآن والتوحيد والتبليغ هكذا، أَو ذلك أَمر فى بيان اعتدال الإِسلام لا إِفراط ولا تفريط لا تشبيه ولا تعطيل لا إِسراف ولا إِقتار ولا جبن ولا تهور، ولا تحملوا أَنفسكم ما يضرها من الطاعات بل ما تطيقه ولا ما تضعف به أجسامكم من قطعها بالكلية عما يلذ، وزعم بعض المحققين أَن الآية لا تشمل علم القلب، ونقول هى أَولى به { وَلاَ تَطْغَوْا } لا تتعدوا الحدود، وعلل استقم ولا تطغوا بقوله { إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } يجازيكم عليه، قال صلى الله عليه وسلم: "شيبتنى هود وأَخواتها" ، وقال: " شيبتنى هود وأَخواتها الواقعة والحاقة وإِذا الشمس كورت" ، وقال: " شيبتنى هود وأَخواتها قبل المشيب" ، وقال: " شيبتنى هود وأَخواتها من المفصل" ، قال: "شيبتنى سورة هود وأَخواتها الواقعة والقارعة والحاقة وإذا الشمس كورت" ، وسأَل سائِل وقال: "شيبتنى هود وأخواتها ذكر القيامة وقصص الأُمم" ، وروى أنه لما نزلت السورة قال:" "شيبتنى هود" ، ولما نزلت الآية قال: شمروا شمروا، فما رؤى ضاحكاً بعدها، وعن ابن عباس رضى الله عنهما ما نزلت عليه صلى الله عليه وسلم آية أَشد من هذه، واستدل بعض على أَن الاستقامة صعب بهذه الآية، وفسر بعض الأشعرية الصراط الذى هو أدق من الشعر وأَحد من السيف فى حديث الصراط على متن جهنم بالاستقامة إِخراجاً له عن ظاهره كما كنت أقول قبل اطلاعى عليه، ورأَى أَبو على الشترى النبى صلى الله عليه وسلم فى النوم فقال: ما شبيك من هود، أَقصص الأنبياءِ وهلاك الأُمم؟ قال: شيبتنى استقم كما أُمرت، والله أَعلم بصحة الرؤيا وتحقيقها لمنافاتها بعض الروايات كما رأيت.