التفاسير

< >
عرض

أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَٰتٍ وَٱدْعُواْ مَنِ ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
١٣
-هود

تيسير التفسير

{ أَمْ } حرف ابتداءِ منقطعة { يَقُولُونَ } بل يقولون بأَلسنتهم أَو بل يقولون فأَم للإِضراب الانتقالى أَو له وللاستفهام الإِنكارى أَو التعجبى وذاك أَولى من جعلها متصلة عاطفة على تقدير أَيكذبونك بقلوبهم أَو يقولون، أَو أَيكذبونك بما أَوحينا إِليك معجزة أَم يقولون أَو أَيكتفون بما ذكر أَم يقولون أَن الأَصل عدم الحذف { افْتَرَاهُ } ضمير افترى له صلى الله عليه وسلم والهاءُ لما يوحى { قُلْ فَأْتُوا } إِن كنت افتريته فأْتوا فإِنكم فصحاءُ بلغاءُ مثلي فإِن عجزتم فاعلموا أَنه ليس منى بل من الله عز وجل { بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ } فى الفصاحة والبلاغة والحكمة والإِخبار بالغيوب، تحداهم أَولا بالقرآن فى سورة الإِسراءِ عموماً ولما عجزوا تحداهم بعشر سور، والتحدى بعشر مقدم نزولا عن التحدى بواحدة متأَخر تلاوة، ولما عجزوا تحداهم بسورة فى سورة البقرة المدنية وهى متأَخرة فى النزول عن سورة هود، وفى سورة يونس المتأَخرة فى النزول عن سورة هود، وكلتاهما مكية لأَنه من عجز عن درهم وقد قلت له أَعطنى درهما لا تقول له أَعطنى عشرة، وقد يقال الآيتان مدنيتان جعلتا فى سورتين مكيتين، والتحدى بعشر نزل قبل التحدى بواحدة، وقال المبرد مثله فى يونس وسورة البقرة بمعنى المماثلة فى الفصاحة والبلاغة والإِخبار بالغيوب والأَحكام، وفى سورة هود فى الفصاحة والبلاغة فقط، أَى بالمعنى، وزيادة هود ضعيف، إِذ الأَصل اتفاق وجه المماثلة لا يصار إِلى تخالفه مع وجود التأْويل بالاتفاق والداعى له إِلى ذلك مراعاة تتابع السور، ويظهر لى أَيضاً وجه آخر إِن شاءَ الله كان حسناً، هو أَن المعنى إِن كان كذباً فلا يعجزكم أَن تأْتوا بسور كثيرة تماثله لأَن أَمر الكذب سهل وبابه واسع، وهذا كلام يجوز أَن يتحداهم به ولو بعد ما تحداهم بسورة وأَفرد مثله باعتبار كل قرآن يدعى فإِن الهاءَ عائِدة إلى ما يوحى والمماثلة قائِمة بكل واحد إِلا بالمجموع فالأَصل بعشر سور أَمثاله أَو باعتبار أَن أَصل مثل مصدر يصلح للواحد فصاعدا، وقد أَفرد لهذا فى المثنى قال الله عز وجل " { لبشرين مثلنا } "[المؤمنون: 47] وروعيت المطابقة فى قوله تعالى: " { ثم لا يكونوا أَمثالكم } " [محمد: 38] وقوله تعالى: " { كأَمثال اللؤْلؤِ } " [الواقعة: 23] وقيل الإِفراد هنا لتقدير منعوت مفرد، أَى مقدار عشر سور مثله، وقد أَفرد لأَنه وصف لمجموع العشرة لأَن مدار المماثلة فى الجمع شىءٌ واحد وهو البلاغة المعجزة فكأَن الجميع واحد { مُفْتَرَيَاتٍ } مكذوبات كما ادعيتم أَنى جئْت بالقرآن من عندى كذبا منى لا من عند الله، فأَنتم أَقدر على الكذب لأَن الحق بعيد عنكم ولممارستكم الوقائِع والأَشعار والخصام، فربما تكذبون أَبلغ منى بحسب الظاهر المتعارف فيمن يمارس لكن هو أَبلغ لقوله "أَنا أَفصح من نطق بالضاد" ، والفصاحة فيه تشمل البلاغة { وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ } إِلى أَن يعينوكم على افتراءِ السور على حد القرآن فى الفصاحة وغيرهما أَو الاستقلال بها دونكم من الناس والأَصنام والكهان مع قدرة الكهان على حسن السجع { إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } أَنى افتريته.