التفاسير

< >
عرض

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أُوْلَـٰئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَىٰ رَبِّهِمْ وَيَقُولُ ٱلأَشْهَادُ هَـٰؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّالِمِينَ
١٨
-هود

تيسير التفسير

{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً } من إِثبات الشريك والولد ونفى إِنزال ما أَنزل ونسبة ما لم ينزل إِليه ومن ذلك إِثبات البحيرة ونحوها وتحريم ما أَحل وتحليل وما حرم، وقول عبدالله بن سعيد بن أَبى سرح الذى يكتب لرسول الله الوحى وقول اليهودى ما أَنزل الله على بشر من شىءٍ، ويجوز أَن يكون المراد لا أَظلم منى إِن كذبت على الله تعالى بأَنه أَرسلنى وأَنزل على كتاباً، وأَن يكون المراد لا أَظلم منكم فى نفى أَن يكون القرآن من الله عز وجل { أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ } عرضاً يترتب عليه العذاب ويفتضحون به عند الخلائق، فإِنه لا يسعد أَحد إِلا نودى فى الموقف: سعد فلان سعادة لا شقاوة بعدها، نداءً يسمعه أَهل الموقف كلهم، وكذلك الشقى، ومعنى عرضهم على الله عرض أَعمالهم وحكمة ذكرهم دون ذكر أَعمالهم أَن عرض العامل بعمله أَفظع عليه من عرض عمله مع غيبته، والله متنزه عن المكان وعالم بكل شىءٍ، وذلك مجاز فى الإِسناد أَو كناية عن شبه حالهم بحال الجند المعروضين على السلطان أَو نائِبه لا ليعرفهم بل ليأْمرهم، وذلك على حذف مضاف كما رأَيت، وقيل لا حاجة إِلى تقديره لأَن عرضهم يتضمن عرض أَعمالهم، وقيل عرضهم مجاز عن إِظهار أَعمالهم، وقدر بعض مضافاً أَيضاً فى قوله على ربهم أَى على ملائِكة ربهم أَو على أَنبياءِ ربهم، واختار ذكر الرب ردا عليهم فى دعوى أَرباب من دونه عز وجل { وَيَقُولُ الأَشْهَادُ } جمع شهيد كشريف وأَشراف أَو شاهد كصاحب وأَصحاب، وهذا مرجوح لضعف جمع فاعل على أَفعال والأَول أَولى على أَن شهيد بمعنى شاهد لا بمعنى حاضر، لأَن المراد الشهادة لا الحضور، كما يناسبه قوله هؤلاءِ الذين الآية لكن إِن كان المراد بالأَشهاد الجوارح فالحضور أَنسب إِلا أَن القول منها بلسان الحال مجاز فنقول ينطقها الله عز وجل، والمتبادر أَن الأَشهاد غيرهم وهم الملائِكة والأَنبياءُ، وقيل: والمؤمنون، وقيل أَهل الموقف، والعطف على يعرضون { هَؤُلاَءِ الَّذِينَ كَذَبُوا علَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ } هنا تم كلام الأَشهاد، أَو عند قوله على ربهم، وقوله أَلا إِلخ من الله، قاله قبل يوم القيامة، إِخبارا بأَنهم ملعونون من الله قبل يوم القيامة، وقيل: تم فى قوله يضاعف لهم العذاب، وأَنه دعاءٌ بمضاعفة العذاب وليس بشىءٍ، والأَول أَولى لأَنه أَشد عليهم وهو الوارد فى قوله صلى الله عليه وسلم: " إِن الله تعالى يدنى المؤمن يوم القيامة فيستره من الناس فيقول: عبدى أَتعرف ذنب كذا؟ أَتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم. فيقرره بذنوبه ويرى فى نفسه أَنه هلك، فيقول الله عز وجل: قد سترتها عليك فى الدنيا وقد غفرتها لك اليوم، ثم يعطى كتاب حسناته، وأَما الكافر والمنافق فيقول الأَشهاد هؤُلاءِ الذين كذبوا على ربهم أَلا لعنة الله على الظالمين" ، وهو ظالم والظالمين عام، فيدخل الذين كذبوا على ربهم بالأَولى، أَو هم المراد فيكون من وضع الظاهر موضع المضمر.