التفاسير

< >
عرض

فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَىٰ قَوْمِ لُوطٍ
٧٠
-هود

تيسير التفسير

{ فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ } أَى إِلى العجل الحنيذ إِذ لم يمدوها إِليه لأَن الملائِكة لا تأْكل، وذلك بعد أَن قربه إِليهم وقال أَلا تأْكلون كما فى سورة أُخرى، وقيل لا تصل لأَنهم يتناولون بغيرها وهو باطل لأَن الملائِكة لا تعبث وتنزه عن إِفساد الطعام ولو خيلوا له الأَكل بذلك لم ينكرهم ولم يقل لهم أَلا تأْكلون { نَكِرَهُمْ } توحش منهم ولم تطمئِن نفسه إِليهم حتى خاف أَن يكونوا عدوا أَو أَرادوا قتله، إِذ لم يأْكلوا لأَن الجائِى إِلى ضر لا يأْكل ما قدم إِليه المجىءُ إِليه وأَيضا دخلوا بدون استئْذان وفى غير وقت المجىءِ، وأَيضا لا يعرف سلاما فى زمانه وفى أَرضه، وقيل علمهم ملائِكة وخاف أَنه بدل فجاءُوا لإِهلاكه، خاف على نفسه لأَمر لم يرضه الله تعالى منه أَو على قومه أَو عليه وعليهم وللملائِكة اطلاع على ما لم يطلع عليه الإِنسان، وفى حديث البخارى قالت الملائِكة: رب إِن عبدك هذا يريد أَن يعمل سيئَة إِلخ وذلك بأَمارة لا باطلاع على ما فى القلب { وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً } أضمر أَو بلغ فإِنه من نكره لهم بلغ الخوف وأَدركه { خِيفَةً } نوعا من الخوف قويا أَو ضعيفاً أَو متوسطا ولو علمهم ملائِكة لم يقدم لهم مأكولا ولا خاف منهم ولا سيما أَنهم فى صورة حسنة { قَالُوا } لما أَحسوا من الخوف إِلهاما من الله لهم، أَو لما رأَوه من أَثره فى وجهه وكلامه، ثم تذكرت أَنه صرح لهم بالخوف كما فى آية أُخرى: إِنا منكم وجلون. وعن ابن عباس أَنه عليه السلام أَحس بأَنهم ملائِكة، كما قالوا إِنا أَرسلنا فهو عرفهم ولم يعرف فيم أُرسلوا فأَخبروه، فالإِنكار المدلول عليه بسلام قوم منكرون، وهو هنا بعد إِحضار الطعام، وهناك قبله أَو ما هنا راجع إِلى حالهم حين إِحضار الطعام، وما هناك متعلق بهم لا بعدم الأَكل ولا يخفى أَن المتبادر أَنه لم يعرفهم ملائِكة حتى قالوا لا تخف إِنا أُرسلنا، ولو عرفهم ملائِكة لم يقدم إِليهم الطعام فما عرفهم إِلا بعد تقديمه، وذكر بعض أَنه لم يعرفهم ملائِكة حتى مسح جبريل على الحنيذ فأَسرع يرضع أُمه { لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ } بالعذاب ولم نأْكل طعامك لأَنا ملائِكة لا نأْكل لا لإِرادة سوءٍ بك، ولوط هو بن أَخى إِبراهيم، وهو لوط بن هاران وهاران أَخو إِبراهيم، وفى سورة أُخرى: { { إِنا أُرسلنا إِلى قوم مجرمين، لنرسل عليهم حجارة من طين، مسومة عند ربك للمسرفين } [الذاريات: 32 - 34].