التفاسير

< >
عرض

وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ ٱلْعَذَابَ إِلَىٰ أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ
٨
-هود

تيسير التفسير

{ ولئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ } إلى مجىءِ أَوقاتِ معدودة، فالأُمة الطائِفة من الزمان كالطائِفة من الناس، والتنكير للتقليل وأَل فى العذاب للجنس الشامل بعذاب الناس الكفرة وللعهد وهو العذاب الموعود به وهو عذاب بدر أَو عذاب يوم القيامة فى قوله عذاب يوم كبير، وقيل: العذاب قتل جبريل خمسة مستهزئِين قبل بدر، وقيل الجماعة يتعارفون ولا يكون فيهم مؤمن، وقيل أَمة يعصون بعد هؤلاءِ فيملكون معا وزعمت الإِمامية من الشيعة أَنهم ثلاثمائِة وبِضعة عشر رجلا كعدة أَهل بدر من أَهل البيت يكونون على المهدى، وإِذا جاءَك حديث فى أَهل البيت وفى سنده شيعى فخذ حذرك فإِنهم يكذبون { ليَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ } عن الوقوع لو صح، وهذا استهزاءُ وإِنكار له وفى لفظ الحبس العذاب متهىءٌ للوقوع لولا أَنه محبوس عنه، تهكموا بهذا وأَنكروا أَيضاً أَلبتة { أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ } متعلق بمصروفاً وتقديم معمولى خبر ليس عليها دليل على جواز تقديم خبرها عليها من باب أَولى، ويقال: لا نسلم الأَولوية فإِن تقديم الخبر أَعظم من تقديم معموله ولا سيما أَن المعمول الظرفى يتوسع فيه ومعمول جواب إِما يتقدم مع الفاءِ ولو كان ظرفا مع أَنه لا يتقدم العامل نحو أَمَّا اليوم فأُكرم زيدا وأَما فى الدار فأُكرم زيدا اليوم، ويجوز ما اليوم زيدا ذاهباً بتقديم معمول خبر ما على اسمها مع أَنه لا يجوز خبرها، والمانع وهم الكوفيون يقدرون أَلا يلازمهم العذاب يوم يأْتيهم { لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ } وضمير يأْتى وليس للعذاب والأَصل ليس العذاب مصروفا عنهم يوم يأْتيهم { وَحَاقَ } نزل أَو أَحاط، ولا يستعمل إِلا فى الشر، والمراد يحيق لكن استعمل الماضى فى موضع المضارع مبالغة فى التهديد لإِبراز ما سيقع فى صورة الواقع، وفيه استعارة تبعية باعتبار الزمان { بِهِمْ } عليهم { مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } جزاء كونهم يستهزئون بالنبى صلى الله عليه وسلم والوحى من القرآن وغيره، وذلك الجزاءُ هو العذاب، والمضارع مقدر كما رأَيت وما مصدرية كما رأَيت، ويجوز أَن تكون اسماً ويضاف الجزاءُ لما استهزءُوا به لأَنه سببه إِذ كذبوا بما كانوا يستهزئُون به، ويجوز جعل الاستهزاءِ وما كانوا به يستهزئُون بمعنى العذاب، أَو الجزاء تسمية للمسبب باسم السبب والهاء للعذاب إِذا كانت ما مصدرية، ولما إِذا كانت اسماً، والمراد بالاستهزاءِ الاحتقار بذلك إِذ جعلوه كذبا أَو الاستعجال لكن الاستعجال مبنى على التكذيب، ويجوز أَن يكون المعنى وحاق بهم العذاب الذى يستهزئُون به.