التفاسير

< >
عرض

يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ ٱلنَّارَ وَبِئْسَ ٱلْوِرْدُ ٱلْمَوْرُودُ
٩٨
-هود

تيسير التفسير

{ يَقْدُمُ قوْمَهُ } يتقدمهم ويسبقهم إِلى النار كما تقدمهم إِلى الكفر قادهم إِلى الكفر فيقودهم إِليها أَيضاً { يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ } أَى يوردهم لكن عبر بالماضى لتحقق الوقوع بعد فكأَنه وقع أَو أَراد عذابهم فى قوله تعالى " { النار يعرضون عليها غدوا وعشياً } "[غافر: 46] فالماضى على ظاهره على أَن البرزخ من الدنيا شبه النار بالماءِ، ورمز لذلك بلازم الماءِ وهو الورود فإِثبات الإِيراد تخييل والجامع مطلق الإِحضار، أُحضروا إِلى النار كما تحضر الإِبل العطاش إِلى الماءَ أَو نزل التضاد منزلة التناسب بواسطة التهكم، فإِن الماءَ للتبريد للأَكباد وتسكين العطش بخلاف النار، أَو النار استعارة تهكمية للماءِ وإِثبات الورود تخييل، أَو شبه فرعون بمن سبق رفقته ليهىءَ لهم الماءَ أَو مع النبات وقومه بالواردة، ففيه استعارة بالكناية أَيضاً وإِثبات الورود تخييل أَو الاستعارة مركبة بأَن تشبه بالتقدم للملءِ والمرعى، والاتباع لهم النار وأَهلها أَو شبه إِياهم إِلى النار بالإِيراد وسوقه مجاز إِذ لا يسوقهم لكن تسبب فيه والسائِق الملائِكة وورد بلا همز يتعدى بنفسه لواحد بالهمز كما هنا إِلى اثنين أَى صيرهم واردين النار أَى حاضرين عندها داخليها { وَبِئْسَ الْوِرْدُ } أَى الورود الذى تضمنه أَوردهم إِذ المعنى صيرهم ذوى ورد، أَو الورد النار أَو موضع الورود على حذف مضاف، ولا مانع من قولك بئْس الورود، فكما يقال بئس ما وردوا إِليه وبئِس موضع الشرب وبئْس الشرب نفسه { الْمَوْرُودُ } نعت للورد لجواز نعت فاعل باب نعم على الصحيح لا مخصوص بالذم، فإِنه محذوف تقديره هى والورد النصيب مما يورد، وإِن جعل مصدراً قدر المخصوص ورود النار أَى بئْس الورد الذى وردوه، لأَن الورد للتبريد والرى، وهذا للإِحراق والإِعطاش ومن شأْنه هذا ليس أَمره رشيداً إِذا كانت عاقبته سوءًا وهذا بيان لبعض موجبات انتقاءِ الرشد ومنها الغرق ومنها أَصلها ادعاءُ الأَلوهية ولو لم يكن لها عقاب، وكيف وعقابها أَشد عقاب، وقد قيل المعنى أَوردهم موجبات النار وهى أَنواع الكفر، ويبعد هذا للعطف بالفاءِ لأَن الموجبات قبل يوم القيامة لا بعده، كما يبعد أَن يجعل الورد بمعنى الواردين كقوله تعالى: { { ونسوق المجرمين إِلى جهنم وردا } [مريم: 86]، للاحتياج إِلى الحذف والأَصل الواردون المورود بهم، فيكون الذم للواردين لا للورد ولا لمكانه ويكون المخصوص هم.