التفاسير

< >
عرض

تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ
١
-المسد

تيسير التفسير

{ تَبَّتُ } خسرت أو هلكت يقال شابة لا تابة أو شابة تابة والتابة الهالكة أى الهرمة التى هلك شبابها أى ذهبت، أو تبت هلكت من كل خير والماصدق واحد وإسناد التباب إلى اليدين من إسناد ما للكل إلى الجزءَ فذلك مجاز عقلى أو اليدان بمعنى الكل أى تبت نفس أبى لهب أو ذات أبى لهب فالمجاز مرسل والإسناد حقيقة أو اليدان عبارة عن النفس والذات لما بينهما من اللزوم والوجه الذى ذكرت قبل هذا تفسير بالجزءَ عن الكل.
{ يَدَا أبِي لَهَبٍ } عبد العزى بن عبد المطلب بن هاشم وكنى بذلك لإشراق وجهه فذكره الله به تهكماً به إِذ كان يفتخر بذلك وليناسب أنه من أهل النار ذات اللهب ولكراهة ذكر عبد العزى ولشهرته بهذه الكنية دون اسمه عبد العزى وهو عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو من أشد الأَعداءِ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل أبى جهل قال طارق الصحارى بينما أنا فى سوق ذى المجاز إِذا أنا برجل حديث السن يقول يا أيها الناس قولوا لا إله إلاَّ الله تفلحوا إِذا رجل خلفه يرميه وأدمى ساقيه وعرقوبية ويقول يا أيها الناس إنه كذاب فلا تصدقوه فقلت من هذا فقالوا محمد يزعم أنه نبى وهذا عمه أو لهب يزعم إنه كذاب فلرميه بيده قال الله عز وجل تبت يدا أبى لهب ومعنى حديث السن إِنه لم يشب ولما نادى على الصفا بطون قريش يا بنى عدى يا بنى فهر وهكذا فاجتمعوا وأمرهم بالتوحيد قال أبو لهب لعنه الله تباً لك ألهذا جمعتنا فأًَخذ حجراً يريد رميه به فنزلت تبت يدا أبى لهب فلرميه بالججر وإرادة رميه بيده وقوله تبا لك أسند التباب إلى اليدين والمراد بمضى تبابه قضاءِ الله به أو كونه على الضلال أو هلاكه فى الآخرة وفى هذا الوجه صورة المضى للتحقق.
{ وَتَبَّ } على صورة الدعاءِ وجاز ذلك بعد الإخبار بالوقوع للتأكيد تقول فلان ملعون لعنه الله تريد بقولك لعنه الله الدعاءَ أو الأول لليدين فقط مراداً بهما أنفسهما فقط لا الذات وبالثانى ذاته وكلاهما إخبار على صورة الدعاءِ وقيل الأَول دعاءِ صورة والثانى إخبار بالوقوع كقوله:

جزى ربه عنى عدى بن حاتم جزاءَ الكلاب العاويات وقد فعل

وهذا وجه حسن لم يسبقنى إليه أحد وقد أجاز أنهما إِخباران وأنهما دعاءَان وأن أحدهما دعاء الاخر إخبار وجاز أن الدعاءَ حقيق على تقدير القول قل تبت يدا الخ، والواو عاطفة أو حالية على تقدير قد وإذا جعل تبت دعاء لم يجز تقدير قد لأَنها لا تدخل على الإنشاء لأَنه لا خارج له يحقق مثلا بقد ولا تكون الجملة حالاً إذ الإنشاءِ لا يكون حالاً لأَنه لا خارج له يكون تقييداً وقرأ ابن مسعود وقد تبت بقد فدلت قراءَته على أن تبت إخبار وروى أنه لعنه الله يحسن إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحسن إلى قريش لتكون له يد عند الغالب منهما فتبت يدا أبى لهب إخبار ببطلان يده التى ادخرها عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعناده ويده التى عند قريش بهلاك قريش واليد على هذا الوجه بمعنى النعمة ويجوز بقاؤها على أصلها، وقيل الأَول إخبار عن هلاك عمله إذ لم ينفعه لأن غالب الأًعمال تعالج بالأَيدى والثانى إخبار عن هلاك نفسه رد الله عز وجل قوله أفتدى بمالى وولدى إن كان ما يقول محمد حقاً بقوله.