التفاسير

< >
عرض

قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ
١
-الاخلاص

تيسير التفسير

هو ضمير الشأن يذكر تفخيماً للأَمر على الإجمال والإبهام فيكون الذهن مترقباً لبيانه فيذكر الخبر المفسر له والذهن قد استعد لفهمه فيتمكن من فهمه والجملة خبره وهذا المعنى موجود لو قلنا جرى سؤال ما ربك ومن أى شىءٍ فكان هو الله أحد جوابه إلاَّ أن المتبادر فى مراعاة هذا السؤال أن تقول هو عائد إلى الرب المسئول عنه فخبره مفرد هو لفظ الجلالة وأحد خبر ثان ففى البخارى والترمذى عن أبى بن كعب أن المشركين قالوا للنبى - صلى الله عليه وسلم - انسب لنا ربك فأَنزل الله تعالى قل هو الله احد الخ، وفى الطبرى والطبرانى قال له أعرابى إنسب لنا ربك فنزلت السورة، ويروى أن عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة قالا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلام تدعونا يا محمد؟ قال إلى الله قال صفة لنا أمن ذهب أو فضة أو حديد أو خشب فنزلت السورة فأَهلك الله تعالى أربد بالصاعقة وعامراً بالطاعون، وعن ابن عباس قال كعب بن الأشرف وحيى بن أحطب وغيرهما من اليهود يا محمد صف لنا ربك الذى بعثك فنزلت السورة والله أعلم على واجب الوجود ويقال علم الله نفسه فوضع لفظاً له بخصوصه هذا مذهبنا وهمزة أحد عن واو وقلب الواو المفتوحة همزة شاذ فاللفظ فصيح استعمالاً شاذ قياساً بخلاف أحد الملازم للنفى غالباً فهمزته أصلية وقيل الهمزة فى أحد فى الآية أصلية والفرق بلزوم النفى وعدمه واللازم للنفى الاستغراق، وقيل أصل أحد فى الآية واحد بألف وكسر الحاءِِ قلبت الواو ألفاً فحذفت إحدى الألفين وفتحت الحاء وفرق ثعلب بأَن أحداً لا يبنى عليه العدد إبتداءً فلا يقال أحد واثنان وثلاثة كما يقال واحد واثنان وثلاثة ولا يقال رجل أحد كما يقال رجل واحد ولذلك اختص به سبحانه وتعالى وفرق بعض بأَن الأَحد فى النفى نص فى العموم بخلاف الواحد فإنه يحتمل العموم وغيره فيقال ما فى الدار أحد فيقال بل اثنان ويقال ما فى الدار واحد بل اثنان، وقيل الأحدية لا تحتمل الجزئية والعددية بحال والواحدية لا تحتملهما يقال مائة واحدة وألف واحد ولا يقال مائة أحد ولا ألف أحد فإن قال لأزواجه والله لا أقرب واحدة منكن صار موليا منهن أَوْ لاَ أقرب إحداكن صار مولياً من واحدة فيدين إلى قصده ونيته وقيل الأحدية لتفرد الذات والواحدية لنفى المشاركة فى الصفات وقيل بالعكس وكلاهما لله فيقال الواحد الأَحد وهما فى حكم اسم واحد وفسر ابن عباس أحد بالواحد كما قرأ الأعمش قل هو الله الواحد فسر بما لا يتجزأ ولا ينقسم فالله متحد فى كل وصف لا يقال جسم ولا عرض ولا جوهر ولا غير ذلك ولا يجمعه وغيره شىء حتى الوجود فوجوده غير وجود غيره فهو واحد من جميع الوجوه ولا يطلق أحد فى غير النفى وغير العدد إلا على الله عز وجل والواحد إما حقيقى بأَن امتنع انقسامه بوجه ما كالبارىء سبحانه وتعالى وأما واحد بالشخص بأَن امتنع حمله على متعدد كزيد وإما واحد بالجنس بأَن لم يمتنع حمله على كثيرين كالحيوان فهو واحد من وجه، كثير من وجه وأما واحد بالنوع بأن كان نفس الماهية المعروضة للكثرة كالإنسانية لزيد وعمرو أما واحد بالفصل بأَن كان جزء ماهية واحدة مميزاً لها كالناطق المتحد فيه زيد وعمرو أما واحد بالعرض وهو قسمان واحد بالمحمول بأن كانت جهة الاتحاد محمولة فيه على متعدد كاتحاد البياض فى حمله على الثلج والقطن وواحد بالموضوع بأَن كانت جهة الاتحاد موضوعة للمتعدد الموضوع كاتحاد الإنسان الضاحك والكاتب وحمله عليه ويسمى الأول واحداً بالمحمول والثانى واحداً بالموضوع ثم الواحد بالشخص إن قبل القسمة إما واحد بالاتصال بأن كانت أقسامه متشابهة بالاسم والحد بأن قبل القسمة لذاته كالمقدار أو لغيره كالجسم البسيط فإنه يقبلها بتوسط المقدار وأما واحد بالاجتماع بأَن كانت أقسامه الحاصلة له بوصف أقسام مختلفة كالبدن المنقسم إلى الأعضاءِ المختلفة ويسمى أيضاً واحداً بالتركيب.