التفاسير

< >
عرض

وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ
٣
-الفلق

تيسير التفسير

{ وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ } ليل استعملت النكرة فى العموم هنا بلا تقدم سلب وذكر شر غاسق بعد شر ما خلق تخصيص بعد تعميم لكثرة حضور الليالى وتلويح إلى أنه ينبغى التخصيص لما هو أهم فى الدنيا بعد التعميم وذلك أدعى إلى الإجابة، والغلس السيلان أو الامتلاءِ كان زمان الليل ممتلئا ظلمة والظلمة تسيل وتنصب كما ينصب الماء على الاستعارة وغسقت العين امتلأَت دمعاً وأضاف الشر إلى الليل لوقوعه فيه وذلك مروى عن ابن عباس أن الغاسق الليل وهو قول مجاهد والحسن وكذا قال الزجاج إنه الليل إلاَّ أنه لم يقل من معنى الامتلاءِ أو السيلان بل من معنى البرودة والليل أبرد من النهار، وقال محمد ابن كعب الغاسق النهار وقيل الليل إذا أقبل بظلمته من الشرق، وقيل القمر ليلة أربعة عشر لامتلائه نوراً من نور الشمس وأصله مظلم، وقيل القمر مطلقاً لسيلانه أى سيره سريعاً فى قطع البروج لما طلع القمر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " يا عائشة استعيذي بالله من شر هذا الغاسق فإِنه هو الغاسق إذا وقب" كما فى الترمذى وإذا صح الحديث لم يعدل عنه، وقيل الغاسق الشمس لامتلائها نوراً، وقيل الغاسق الثريا، وقيل الحية ولكل من ذلك شر، أما الليل فلأَنه يصاب فيه بذوات السموم أو شوكة أو حفرة وغير ذلك، ومن أمثال العرب الليل أخفى للويل وأيضاً هو نحس عند المنجمين والسحر للمرض يوقع فى محاقة والقمر أنسب سبب النزول وشر الشمس المضرة اللاحقة منها بحرارتها والأَسقام تكون عند سقوطها، وعنه - صلى الله عليه وسلم - "إذا طلع النجم ارتفعت الهامة" وفى رواية عن جزيرة العرب، وروى مرفوعاً إذا طلع النجم ارتفعت العاهات أو خفت وشر الحية اللذع وهى ممتلئة سماً فالسم يسيل منها فى الجسد.
{ إِذَا وَقَبَ } وقوب الليل دخول ظلامه فى كل شىءٍ ووقوب النهار دخوله فى الليل ووقوب القمر دخوله فى الخسوف وله ظلمة حينئذ أو فى الغيوبة أو فى المحاق آخر الشهر وفى ذلك الوقت يتم السحر المؤثر للمرض والسورة جاءَت فيه ووقوب الثريا سقوطها ووقوب الحية لدغها.