التفاسير

< >
عرض

مِن شَرِّ ٱلْوَسْوَاسِ ٱلْخَنَّاسِ
٤
-الناس

تيسير التفسير

{ مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ } صفة تفيد المبالغة أى يلقى إلى غيره كلاماً خفياً أو إشارة أن يفعل أو يترك خيراً أو شراً، والمراد فى الآية الشر عافانا الله الرحمن الرحيم وهو التأثير فى القلب بالزيغ وذلك أولى من أن يجعل اسم مصدر هو الوسوسة أطلق على الذات الخبيثة مبالغة أو بتأويله باسم الفاعل أو يقدر مضاف أى مضاف أى ذا الوسواس وتعليق الحكم بمعنى اللفظ المشتق يؤذن بعلية معنى اللفظ الذى منه الاشتقاق فالمراد الأمر بالاستعاذة من سرقته، ويجوز أن يراد أعوذ بالله من السارق ونريد الاستعاذة من سرقته، ويجوز أن يراد أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الموسوس وسوسته وسائر مضراته، ويقويه أنه قال من شر فهو يعم شروره ولم يقل من شر الموسوس ولا من شر وسوسة الوسواس فشره يعم شر التأثير فى القلب وشر مضرة البدن والعقل كالجنون وما يقرب منه وأسباب المرض والعلل وتزيين النوم عن العبادة، ومن شر البدن، حديث البخارى وغيره عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "يعقد الشيطان على قافية أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد نَمْ فإن الليل عليك طويل.." الخ، أعنى انه فعل على قافيته فعلاَ أثر فى بدنه وأما على أن معنى العقد التمثيل للوسوسة فليس من شر البدن.
{ الْخَنَّاسِ } صفة مبالغة قيل أو نسب كالخباز واللبان قلت لا ينبغى العدول إلى النسب إلاَّ لداع معنوى أو صناعى ومن المعنوى وما ربك بظلام، ومر كلام فيه ولا داعى هنا مع أن له فعلاً وهو خنس بخلاف لبان ومعنى خنس تأَخر أى كثير التأخير أو عظيمه عن الإنسان إذا ذكر الله تعالى وليس فى النسب المبالغة التى فى صفة المبالغة فقد تقول الخباز واللبان لمن يبالغ فى الخبز واللبن، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
" إنَّ للوسواس خطماً كخطم الطائر" ويروى خرطوماً كخرطوم الكلب، ويروى كخرطوم الخنزير، ويقال رأسه كرأس الحية يضعه على القلب فإذا غفل ابن آدم وضع ذلك المنقار فى أُذن القلب يوسوس، فإن ذكر الله تعالى نكص وخنس فلذلك سمى الوسواس الخناس، ويروى أنه يضع خرطومه على القلب فإذا ذكر الله تعالى تأخر.