التفاسير

< >
عرض

وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُواْ يٰأَبَانَا مَا نَبْغِي هَـٰذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذٰلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ
٦٥
-يوسف

تيسير التفسير

{ وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ } غرائِرهم وفرغوها إِذ التفريغ من لازم الفتح على أَن البضاعات مدخلة فى الغرائِر بلا إِخفاءِ فى الحبوب، فإِن كانت دراهم خف الأَمر، وإِن كانت جلودا فكيف تخفى فى أَفواهها، إٍلا لطفاً من الله وإِكراما ليوسف، وهذا الكلام وقع قبل قولهم يا أَبانا منع منا الكيل، والواو لا ترتب، ولا تعقب، فما مانع من أَنهم قالوه بعد الفتح، وقيل المتاع: الطعام ومعنى فتحه إِظهاره، فإِِن المتاع ما ينتفع به مأْكولا أَو غيره { وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ } فى داخل غرائِرهم، وهى الأَثمان التى اشتروا بها، الإِضافة للاستغراق أَو للحقيقة، فالبضاعة بضائع، أَو عدها كلها بضاعة واحدة لم تتفرق على أَنه يكيل بعدد الرءُوس، ولو اجتمعوا على بضاعة واحدة { قالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِى } ما نافية، والمعنى ما نتعدى الحد ونظلم الملك بكفر نعمته لأَنه أَحسن ضيافتنا وأَوفى الكيل ورد علينا الثمن، أَو استفهامية مفعول لنبغى أَى شىءٍ نطلب بعد هذا الإِحسان لو كان هذا الملك رجلا من أَولاد يعقوب ما أَكرمنا هذا الإِكرام، وهو خير رجل أَنزلنا وأَكرمنا لو كان رجلا من آل يعقوب ما أَكرمنا إِكرامه، وهو أَعظم الناس ملكا، ولم نر مثله علما وحكما وخشوعا وسكينة ووقارا، وإِن كان له شبيه فهو يشبهكَ، فقال لهم يعقوب: إِذا رجعتم إِليه إِلى مصر فاقرأَوه منى السلام وقولوا له إِن أَبانا يصلى عليك ويدعو لك بما أَوليتنا، وقال لهم: أَين شمعون؟ وقالوا: ارتهنه ملك مصر لنأْتيه ببنيامين، أَو أَى دليل على إِحسانه إِلينا نطلب بعد هذا الإِحسان، وهو أَنه رد لنا بضاعتنا بعد ماأَوفانا الكيل كما قال: { هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلْيْنَا } وقد فتحوا متاعهم بحضرته وأَروه البضاعة مردودة { ونَمِيرُ أَهْلَنَا } نرجع إِليه بأَخينا معها، فيظهر له صدقنا معه بإِتيانه بأَخينا، ونأْتى بالميرة إِلى أَهلنا، وهو الطعام مستعينين بالبضاعة الأُولى مع ما نضم إِليها مما يكون ثمنه لأَخينا بنيامين، وإِنفاق الأَهل واجب، ولو غاب الزوج، واستدانت زوجه فيما يجب لها عليه، بلا إِسراف، وجب عليه قضاءُ ذلك الدين، وينقض عنه ما أَسرفت به، ولو أَنفقت من مالها لم تدرك عليه فى الحكم، إِلا إِن أَشهدت على الإِدراك { ونَحْفظُ أَخَانَا } بنيامين { وَنَزْدادُ } لأَجله { كَيْلَ بَعِيرٍ } زيادة على مالنا ولشمعون من الكيل { ذَلِكَ } الكيل كيلنا الذى نرجوه بعد { كَيْلٌ يسِيرٌ } سهل عند الملك لسعة ماله مع سخائِه، استدلوا بإِحسان سابق على إِحسان مستقبل كما شهر التوسل بإِحسان سابق إِلى إِحسان لاحق، أَو ذلك الكيل الذى جئنا به يسير لا يكفينا فلا بد من الرجوع للكيل، لكن لا نجده إلا بالذهاب بأَخينا إليه، أَو لذلك المذكور من ازدياد كيل بعير بأَخينا سهل عند الملك، أَو ذلك كيل يسير من كلام يعقوب خلط بكلامهم لجواز ذلك فى الجملة كما نص عليه أبو حيان، والمعنى أنه لم يبلغ أَن يخاطر فيه بالولد، لكن لا دليل عليه هنا فلا يرتكب.