التفاسير

< >
عرض

ٱقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ ٱطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ
٩
-يوسف

تيسير التفسير

{ اقْتُلُوا يُوسُفَ } وكان أَحب إِلى يعقوب من بنيامين ومنهم لما رأَى فيه من مخايل الإِسلام والأَدب، ولما رأَى الرؤْيتين زاد حسدهم كما مر، قال صلى الله عليه وسلم: " ثلاث لا ينجو منهن أَحد: الحسد والطيرة وسوءِ الظن، وإِذا حسدت فلا تبغ، وإِذا تطيرت فامض، وإِذا ظننت فلا تحقق" أَى لا تفعل سوءاً بسبب ذلك الظن { أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً } بعيدة من العمران مهجورة مهلكة، وقال بعض: هى شاملة للبر على نزع حرف الظرفية مع أَنه مكان ولا ينصب من الأَمكنة على الظرفية إِلا ما ليس محدوداً؛ لأَن المراد بها غير محدودة كأَنه قيل: اطرحوه حيث يهلك بسباع أَو جوع أَو عطش، أَو مفعول ثان على تضمين اطرح معنى أَنزل كقوله تعالى: " { انزلنى منزلا مباركاً } "[المؤمنون: 29] { يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ } ويتمحض حبه لكم لا يشارككم فيه يوسف، فضلا عن أَن يعرض به عنكم وعبر بالوجه؛ لأَن الحب يظهر أَثره فيه، والمراد الذات، عبر بالجزءِ عن الكل، وكنى بالوجه عن الإِقبال؛ لأَن الإِنسان إِذا أَقبل على الشىءِ أَقبل عليه بوجهه فذكر الملزوم وأَراد اللازم { وتَكُونُوا مِنْ بعْدِهِ } بعد قتله وطرحه، أَو بعد يوسف أَو بعد الفراغ من أَمره { قَوْماً صَالِحِين } اعترفوا أَن قتله أَو طرحه فساد يتوبون منه، وكذلك أَنهم قطعوا الرحم وعصوا الوالدين أَو الوالد والخالة وهى كالأُم، وقلة رحمتهم بالصبى الذى لا ذنب له، وغدر الأَمانة، وترك العهد والكذب وقصدوا التنصل، والخلاص، أَو النجاة من العقوق بأَن يرضى عنهم، ولو بأَن يكذبوا له، والأَول أَولى وعليه الأَكثر؛ فالصلاح دينى، وعلى الثانى عير خالص لأَنهم أَرادوا مجرد الخلاص من العقوق لا التوبة، أَو أَرادوا صلاح دنياهم، وذكر بعض أَن دينه أُخت يوسف ذكرت تغليباً، والعلات الإِخوة للأَب، والأَعيان الأَشقاءُ، والأَخياف الأُميون، وكلهم فى أُخوة يوسف معه، وأَكبرهم يهوذا بذال معجمة، ويعرب بإِهماله وتجوز حكاية الإِهمال وهو أَحسنهم رأْياً، وهو أَبو الملوك، وأَكْبرهم سنا هو روبيل - باللام أَو بالنون - أَو روبون - بالنون بوزن فعلون - ولاوى أَو ليوى أَبو الأَنبياء، ويشجر يعبر عنه بعض بإِساخر - بكسر الهمزة وشد السين - وربالون يعبر عنه بربولون، وتفتالى المشهور فيه تفتالى، ويقال فى جاءَ كاد بوزن ماد، وبنيامين بكسر أَوله وبفتحه وصحح وضمه، وقيل: أَرادوا بالصلاح صلاح حالهم مع أَبيهم لا التوبة ورجحه بعض، وإِذا قلت فى لفظ عجمى أَنه بوزن كذا، فمرادى الوزن الطبيعى أَعنى موازنة بالفتحة والكسرة بالكسرة والضمة بالضمة دون اعتبار اَصالة الحروف وزيادتها، إِذ لا ضبط فى العجمة بذلك.