التفاسير

< >
عرض

وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُم بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ
١٥
-الرعد

تيسير التفسير

{ وَلِلَّهِ } لا لغيره { يَسْجُدُ مَنْ فِى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } بالجباه على الأَرض والسماوات من الملائكة فيهما ومؤْمنى الإِنس والجن ومنافقيهم { طَوْعاً وَكَرْهاً } ذوى طوع وذوى كره كمشرك يسجد خوفاً من القتل، وكمنافق يسجد لئَلا يظهر نفاقه، أَو طائِعين وكارهين، أَو للطوع ولا مانع من أَن يقال من حق الله أَن يسجد له طوعاً أَو كرها، أَو بمعنى الطلب، أَى اسجدوا له طوعا وكرها، ومعنى السجود كرها أَن يقبل السجود من قلبه لكن يكرهه بالطبع، ومقابلة الطوع فيه بالرغبة، أَو المراد حال النشاط وغيرها، أَو السجود عدم قدرتهم على الخروج عما أَراد فيهم من التصرف، فبعض يذعن لشدة بلا كراهة، وبعض بها، أَو السجود التعظيم فإِن أَجساد الكافرين مقرة، والكفر يحدث فى القلب، ويدل على أَن السجود غير سجود الجبهة، بل بعض ما تقدم أَنه قال: { وَظِلاَلُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ } فإِنه لا جبهة للظلال إِلا أَن تستعمل الكلمة فى معنييها وهما سجود الجبهة مع السجود بمعنى الخضوع، أَو الانقياد أَو بقدر، وتنقاد ظلالهم كقوله: علفتها تبناً وماء بارداً، أَو يخلق الله لها عقلا تسجد به، وقيل سجودها ميلها، وبالغدو متعلق بيسجد كناية عن دوام سجود من فى السماوات والأَرض، أَو حال من الظلال فيكون خص الغدو والآصال؛ لأَن الشىءَ إِذا أَخذ بطرفيه فقد أَخذ كله، وإِلا فالظلال موجود فى غيرهما أَيضاً ساجد، ولأَن الامتداد فى الاصال أَظهر لأَنه يزيد الظل فى زمان قصير كثير، أَو التقليص فى الغدو أَظهر لأَن نقصانه كثير فى زمان قليل، والغدو جمع غداة، والآصال جمع أَصيل، وهو ما بين المغرب والعصر، وقيل: أَصل الغدو مصدر استعمل للزمان وهو ما بعد طلوع الفجر.