التفاسير

< >
عرض

وَأَرْسَلْنَا ٱلرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَآ أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ
٢٢
-الحجر

تيسير التفسير

{ وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لواقِحَ } لاقحات أَى حاملات للماءِ إلى السحاب تصبه فيها ويمر فيها كمرور اللبن فى الضرع ثم تمطره كما قال ابن مسعود، ولا تقطر من السماءِ إلا بعد ريح الصبا تثير السحاب فيكون ركاما، والشمال تجمعه وتسمى المؤلفة، والجنوب ترده وتسمى اللاحقة فيمتلىءْ بها ماءً، والدبور تفرقة بإنزال، يقال: لقحت الريح حملت الماءَ والناقة حملت الجنين فهو ثلاثى أَصالة، ويتعدى بالهمزة فيقال: أَلقح الريح السحاب والشجر والجمل الناقة وقيل: أَلقح بالهمزة لازم، وملقح اسم فاعل حذف الهمزة فقيل: لقحت فهى لاقح، أَو اللاقح نسب كتامر ولابن فلاقح على الأَصل أَو مختصر من ملقح اختصار لقح من أًلقح، أَو للنسب، ومن الاختصار قولهم أَطاحته الملمات وطوحته فهن طوائِح بدل مطيحات أَو مطوحات، أَى مهلكات، وأَصل طائح هالك، والريح جسم أَشد لطاقة من الماءِ سريع المرور فى الهواءِ، والهواءُ أَشد لطافة منه كالروح { فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً } من السحاب التى جمعتها الريح { فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ } جعلناه لكم سقيا لأنفسكم ودوابكم وحروثكم وأشجاركم، فالإِسقاءُ إِعطاءُ مادة من ماءٍ كقربة يشربها فى أَوقات وماجل وبركة وعين أَو جزءٍ منها، والسقى إشرابك أَحدا، وقيل هما بالمعنى الآخر كأَطعمه، صيره آكلا مرة، وأَطعمه أَعطاه ما يكفيه مدة كما يقال: أَطعمه وسقاه، ويناسب التفسير بالمادة قوله تعالى: { ومَا أَنْتُمْ لهُ بِخَازِنِينَ } إِنا أَعددناه لكم مادة فى الأَرض ضاءَات وعيونا، وفوق الجبال السفلية وتحتها وداخلها، ولا قدرة لكم على ذلك فإِن ذلك أولى من معنى أَنزلناه فأَشربناكم بعضه وخزنا بعضه، ومن شأْن الماءِ الغور والله يبقيه على الأَرض مدة وفى الطين أَو حيث شاءَ الله فى الأَبيار، أَو ما أنتم له بخازنين بمعنى ما أَنتم قادرون على إِخراجه، وهذا المعنى ناظر إِلى تشبيه القدرة بالخزانة، تقدرون على إِخراج ما فى خزائِنكم، ولا تقدرون على إِخراج الماء لولا الله، على أَن الخزائِن من ضرب مثل.