التفاسير

< >
عرض

قَالَ فَٱخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ
٣٤
وَإِنَّ عَلَيْكَ ٱللَّعْنَةَ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلدِّينِ
٣٥
-الحجر

تيسير التفسير

{ قالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا } من الجنة وكان فيها حال الخطاب، وفيها وسوس لآدم، فدل الحال على مرجع الضمير، وقيل من السماوات، وكان فيها كذلك، وكونه فيهن دليل الضمير، وإنما يخرج الشىءُ مما هو فيه، وكونه فى سماءٍ ككونه فى الأُخرى، أَو من السماءِ بإِرادته الجنس، والخروج من السماوات تحريم للجنة بالأَولى، أَو من زمر الملائِكةِ؛ لأَنه فيهم، فالخروج منهم، أَو اخرج من رحمتى أى محلها وهو الجنة والسماوات عارض، نص الله بالقياس فاستحق الإِخراج من الرحمة والرجم واللعنة كما قال الله - عز وجل - { فَإِنَّكَ رَجِيمُ * وَإِنَّ علَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ } ومعنى مرجوم مطرود من الرحمة والهدى، وعبر بالرجم عن الطرد لأَن المطرود يرمى بالحجارة فى الجملة، أَو يرجم بالشهب إِذا جاءَ للاستماع كسائِر من يسمع من أَولاده، أَو رجمهم رجمه إِِذا كان أباهم وأَمرهم بالاستماع، واللعنة الطرد والإبعاد فى الدنيا، ومن لعن فى الدنيا لم يكن له يوم القيامة إلا الخزى والعذاب فلا إيهام أن له السوءَ فى الدنيا فقط، أَو معنى إلى يوم الدين أَبدا لأَن يوم الدين مما يضرب به الناس المثل فى البعد، وقد علم الله أن الناس سيكونون بخلقه لهم، وفهم إبليس ذلك، وأنهم يضربون به المثل إذا كانوا، وأيضاً الدين الجزاءُ فكأَنه قيل: تبعد عن الخير إلى يوم تجازى فيه على عصيانك، وأَيضاً يلعن لعنة يوم القيامة تنسيه هذه اللعنة كما قال الله - عز وجل -: " { فأَذن مؤذِن بينهم } "[الأعراف: 44] إلخ، وأَيضاً يعذب فيه عذاباً ينسيه اللعن فى الدنيا، وكان يلعنه أَهل السموات والأَرضين لأَنه أَول عاص على المشهور، وكل عصيان من غيره عصيان منه؛ لأَنه آمر به، ففى الدنيا اللعنة وينضم إليها فى الآخرة العذاب واللعن الدائمان.