التفاسير

< >
عرض

ٱدْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ
٤٦
وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَٰناً عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَـٰبِلِينَ
٤٧
لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ
٤٨
-الحجر

تيسير التفسير

{ ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ } يقول الله لهم قبل دخولها بخلق الصوت فى آذانهم، أَو فى موضع، أو بملك: أُدخلوها أى ادخلوا الجنة، أَو الجنة والعيون لأَن لهم دخول العين، ولا ينجس الماء بهم ولا يتسخ، أو المراد بالدخول الملابسة فتشمل العيون والجنات، ويجوز أَن يقدر حالا محكية أَى ثبتوا فى جنات وعيون مقولا لهم قبل ذلك ادخلوها بسلام، أَو كلما أرادوا دخول جنة من جناتهم قيل لهم ادخلوها بسلام آمنين بعد أن كانوا فيها، والباءُ للمصاحبة أى مع سلام من كل مكروه ما دمتم فيه وأنتم لا تخرجون منها، أَو مع قولهم سلام عليكم، كمن يسلم عند دخول دار فيكونون يسلمون على من فى الجنة من الحور والولدان والملائِكة، وأيضا كل مسلم يسلم على من سبقه فيها من المسلمين، أَو المراد مسلما عليكم لأن الملائِكة تسلم عليهم سلام عليكم بما صبرتم { آمِنينَ } مقدرين الأمن من كل ما يكره فيكون توكيداً فى المعنى لقوله بسلام إذا فسر بالسلامة من مكروه؛ أو يقدر بسلام مما يضر كالمرض وزوال النعم والفزع آمنين مما يكره دون ذلك، أَو بالعكس، ولا توكيد إذا فسرنا السلام بتسليمهم أو بالتسليم عليهم بقصد التحية والدعاءِ وكذا لا توكيد إذا فسرنا آمنين بمصدقين لقول: ادخلوها بسلام، ولا يفسر بعدم الخروج منها، وإلا تكرر مع قوله: { وما هم منها بمخرجين } فيكون وما هم إلخ مؤكدا له لأن الأمن من الخروج إذ جاءهم من الله تعالى لا يتوهم تخلفه { وَنَزَعْنَا مَا فِى صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍ } حقد أو عداوة أو بغضاء أو حسد سابقات فى الدنيا، أو المراد أنه يتولد لهم فيها، وأنهم يوقفون على باب الجنة وقفة يغتسلون بماءٍ هناك، ويشربون فيزول كل ما فى قلوبهم من قبل، والدنيا سجن المؤمن، وروى أنهم يقفون وقفة فيقتص بعض من بعض ثم يؤمر بهم إلى الجنة، وقد نقى الله قلوبهم من الغل والحقد والغش والحسد كأنها قلب رجل واحد فلا يتغير قلب واحد منهم بعلو درجة غيره عليه وهذا أولى من أَن يقال: إذا كانوا فيها زال عنهم ذلك ومن أن يقال: إذا كانوا على سرر متقابلين زال ذلك { إِخْواناً } حال من الهاءِ فى صدورهم المضاف إليها ما معناه بعض معناها، أو من ضمير الاستقرار فى قوله فى جنات، أَو من باب وادخلوها، أو من المستتر فى آمنين، أَو فى سلام إِذا جعل حالاً، ومعنى إخواناً متصافين بتخفيف الفاءِ، أَى كل صفى للاخر { عَلَى سُرُرٍ } حال أُخرى كذلك، أو نعت لإِخوانا أَو متعلق بقوله: { مُتَقَابِلينَ } أو من المستتر فيه ومتقابلين نعت إخوانا، أو حال أُخرى كذلك، أو من المستتر فى على سرر إذا جعلناه حالا مما قبله، أو حال من المستتر فى إخوانا لتضمنه معنى المشتق وهو متصافين، ويجوز تعليق على سرر بإخوانا على التضمين، إلا أن عدم التضمين أَولى عند عدم الاحتياج إليه ويجوز تعليقه بمتصافِّين بالشد أَى جاعلين صفوفا، وتقابلهم بمعنى أنه لا يكون بعض قفا بعض لدوران الأَسرة بهم حيثما أرادوا { لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ } تعب بعمل إذ لا عمل فيها، ولا بمعاشرة لأنهم يزدادون حبا وأُنسا بها وبالنعم والخدم والأزواج { وَمَا هُمْ مِّنْها بِمُخْرَجِينَ } أَبداً لا يسلط عليهم مخرج فضلا عن أن يخرجوا بأنفسهم واختيارهم، وتمام النعمة بداومها، وإلا كانت مكدرة بتوقع الزوال، والموت خروج منها؛ لأَن الميت لا يكون فى ملاذها فلا يموتون.