التفاسير

< >
عرض

أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ
١
-النحل

تيسير التفسير

{ بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَتَى أَمْرُ اللهِ } كانوا يستعجلون ما أوعدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من قيام الساعة وعذاب الدنيا " { إن كان هذا هو الحق من عندك فأَمطر علينا حجارة } [الأنفال: 32] " { ويستعجلونك بالعذاب } " [الحج: 47، العنكبوت: 53]، { يقولون متى هذا الوعد } " [يونس: 48] وإن صح ما تقول خلصتنا الأَصنام فنزلت الآية فوثب النبى صلى الله عليه وسلم ورفع الناس رءوسهم فنزل قوله تعالى: { فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ } فإنه شر لكم لا تستنقذكم منه الأصنام، ويضعف رد الهاءِ إلى الله، أَى لا تستعجلوا الله بإتيان أمره يوم القيامة، أَو العذاب كما قال: ويستعجلونك بالعذاب، وأتى ماض بمعنى يأْتى لتحقق الوقوع، وهو مجاز لأنه بمعنى حضر أى يحضر وقرينة المجاز حالية قبل نزول { فلا تستعجلوه }، وهى أَنه لم يروا حضوره ولمانزل فلا تستعجلوه كان قرينة قالية، ويجوز أَن يكون أَتى شرع فى التنقل فالماضى حقيقة أَو أَتت مقدماته ومبادئه كانشقاق القمر ونصر الرسول، أَو قرب مجازاً وأَمر الله قيام الساعة، وقيل عقوبة المكذبين ونصره صلى الله عليه وسلم وملكه بلادهم وأموالهم، كما قتل النضر بن الحارث يوم بدر صبرا وهو القائل: { اللهم إن كان هذا } الآية، روى أنه نزل قوله تعالى: { اقتربت الساعة } قال الكفار: أمسكوا عن بعض ما تفعلون حتى يتبين أَمره، ومضت أيام فقالوا: ما نرى ما تقول، فنزل قوله تعالى: " { اقترب للناس حسابهم } "[الأنبياء: 1] فانتظروا ثم قالوا: ما نرى شيئاً فنزل { أَتى أمر الله } فوثب فرفع الناس رءُوسهم، ولما نزل: { فلا تستعجلوه } اطمأَنوا، والخطاب بفلا تستعلجوه للمؤمنين والكفار، أَو للمؤمنين، أَو للكفار قال صلى الله عليه وسلم: " بعثت أنا والساعة كهاتين إن كادت لتسبقنى" أشار بأصبعيه { سُبْحانَهُ وَتعَالَى } هذا خبار أَى تنزه الله تنزها بدليل عتلف تعالى، وليس كسبحان فى قوله تعالى: " { فسبحان الله حين تمسون } "[الروم: 17] فإِنه أَمر بالصلاة، فليس المراد هنا أَمرا أَى سبحوا لله تسبيحاً أيها المؤمنون، وقولك سبحانه - جل وعز - أَولى من قولك: - عز وجل - لأَن الجلال لا تعلق له بغيره وأَعم من العزة، والعزة لها تعلق لأَن المعنى الغلبة على غيره وأخص { عمَّا يُشْرِكُونَ } فى قولهم إن صح ما تقول منعتنا آلهتنا منه، وفى سائر أَقوالهم الملحدة وأَفعالهم التى هى إشراك كعبادة الأوثان، ولا معنى للتنزه عن ذات ما يشرك به إلا من حيث الإشراك به فلتجعل ما مصدرية أَولى من جعلها اسما مرجوع فيه إلى مراعاة علة الإشراك بعد، وكذا فى مثل ذلك.