التفاسير

< >
عرض

هُوَ ٱلَّذِي أَنْزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ مَآءً لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ
١٠
-النحل

تيسير التفسير

{ هُو الَّذِى أَنْزلَ مِنَ السَّماءِ ماءً } السحاب أو من جهة السماءِ، أَو من السماء نفسها، والله قادر، وكذا تقول فى غير هذا المحل، ومن السحاب ما ينعقد من ماءِ البحور والعيون بالبخار وبنفس ماءِ البحر المالح يرتفع إلى طبقة البرودة فيحلو بإذن الله عز وجل { لَكُم } قدم على طريق الاهتمام والامتنان وكذا قوله: { مِّنْهُ } من ذلك الماءٍ أو قدم منه للحصر لأَن كل ما فى الأرض نزل من السماءِ سوى الماءِ الأَول قال الله تعالى: " { فسلكه ينابيع } "[الزمر: 21] وقال تعالى " { فأَسكناه فى الأَرض } "[المؤمنون: 18] وقال تعالى: " { وما أَنتم له بخازنين } " [الحجر: 22] { شَرَابٌ } مشروب لكم، ومن للتبعيض أَو للابتداءِ متعلق بلكم أَو متعلقة لأَنه خبر لشراب، أَو حال من المستتر فى لكم، وشراب مبتدأٌ، أَو يتعلق بأَنزل، والخبر منه ولا تقل منه متعلق بمحذوف حال من شراب مع أن شراب مبتدأٌ لا رافع المبتدأَ وهو الابتداءُ لا يتقيد بالحال، { وَمِنهُ شَجَرٌ } مبتدأ أَو خبر أَو عطف منه على منه وشجر على شراب، وهذا على أن لكم خبر، ويجوز تقدير وينبت منه شجر بالبناءِ للفاعل أَو للمفعول، وشجر نكرة عمت فى الإِنبات لجواز ذلك مع قرينة، ألا ترى أَنه ليس المراد شجرات مخصوصات والمراد بالشجر النبات الذى يرعى مما لا ساق له مجازا، أَو له ساق لا يسمى به فى العرف شجراً ففى حديث عكرمة لا تأكلوا ثمن الشجر فإٍنه سحت ولعله فيمن منع الماءَ فى الفلاة ليختص بالكلأَ، قال الشاعر:

نطعمها اللحم إذا عز الشجر والخيل فى إطعامها اللحم ضرر

ويروى نعلفها اللحم، أَراد بالشجر النبات، واللحم ضرع الشاة أَو نحوه يشير إلى اللبن، ومعنى الضرر أَنه لا يكفيها قال الزجاج: كل نبات شجر حقيقة { فِيهِ تُسِيمُونَ } تجعلون دوابكم سائمة أَى راعية فيه، قال الزجاج: أَصل السوم بمعنى الرعى السوم بمعنى العلامة لأَنه يحصل من الرعى آثار فى الأرض والنبات.