التفاسير

< >
عرض

قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ ٱلْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِٱلْحَقِّ لِيُثَبِّتَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ
١٠٢
-النحل

تيسير التفسير

{ قُلْ نَزَّلَهُ } رد الضمير للقرآن لدلالة قوله: " { وإِذا بدَّلنا آية } " [النحل: 101] إلخ عليه.
{ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثْبِتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ } من التنازع كما مر، أو يختص بشرى به، قل يا محمد لهم: نزل القرآن بالتدريج بحساب الحكمة والمصالح كما هو مقتضى التشديد للزاى، إذ لم يقل أنزل بالهمزة والتخفيف، وكلاهما مستعمل فى شأن القرآن، والروح جبريل الذى هو فى إحياء القلوب بالوحى كالروح للجسد، والقدس للطهارة من إضافة الموصوف إلى صفته المعنوية اللغوية، لا الاصطلاحية، كما تقول: حاتم الجود، وسحبان الفصاحة، وزيد النصر، وإله القدرة والاصطلاحية: حاتم الجواد، وزيد المنصور؛ بأن تجعل للقدس اسما لجبريل مبالغة وتضيفه إليه، وأضيف للطهر، لأنه يجئ بما هو طهارة للنفوس وهو القرآن والحكم والفيض الإلهى، أَو الطهرة من أدناس الشر، ومقتضى ظاهر مزرى، وفى ترك مطالهم حط لقدرهم، ولكن جاء بالكاف لتربية الإجلال والمخالفة فى قلبه صلى الله عليه وسلم.
وإذا أصاب المؤمن فتور أو ارتياب ما أو حادث زال بما ينزل، أو لم يصابوا بذلك، لكن يزدادون به قوة، وهذا النسخ الذى هو ريبة للكفار حجة المؤمنين، يزدادون به رسوخًا لتدربهم وتدبرهم فى الناسخ والمنسوخ، وهدى وبشرى مجروران عطفًا على مجرور اللام، أَى لتثبيت الذين آمنوا وللهدى وبشرى قيل ويجوز النصب على التعليل لجواز أعطيت زيدًا الحبى له وإكرامًا الحر أولى، والنصب ما هو إلا كعطف التوهم وهو عطف على المعنى، نحو: زرتك لأحدثك، وإجلالا لك تتوهم أنك قلت: زرتك تحديثًا لك، وأيضا لو قيل نزله روح القدس من ربك تثبيته الذين آمنوا بنصب تثبيت على التعليل، لكان المفعول من أجله معرفة وهو مرجوح.
والآية تلويح بالخذلان للكفار والإضلال لهم، والخزى ومعنى هدى للمسلمين وتبشيرهم لزيادة لهم من ذلك، فلا تحصيل حاصل، وإن شئت فقل: المراد بالمسلمين من قضى الله إسلامه، واستحضر مثل هذا فى سائر الآيات الشبيهات بهذه فيشمل ابتداء ذلك واستمراره بعد، لا خصوص الزيادة فانهم أفهمك الله الرحمن الرحيم.