التفاسير

< >
عرض

إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَآ أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ
٤٠
-النحل

تيسير التفسير

{ إِنَّمَا قَوْلُنا لِشَىْءٍ } فى شأْن وجود شىء، وإِنما لم أَجعلها للتبليغ كما جعلها بعض؛ لأَن الشىءَ قبل وجوده لا يخاطب وأَمره بالوجود بعد وجود تحصيل للحاصل، ولذلك جعلها الزجاج للسببية وهو قريب مما قلت ولو ضعف معنى السببية هنا فى أنها ليست للتبليغ وهو واضح لها كما قيل أَنه غير واضح أَى لأَجل شىءٍ سيوجد، فكما كان التجاوز فى كل على سرعة الوجود ساغت صيغة السببية ولا وجه للتبليغ إلا بطريق تشبيهه بالموجود لقرينة أنه غير موجود فليس موجودا تحقيقاً، أَو على طريق العرب وغيرهم فى التحليل تعالى الله عنه، والآية كالنص فى إطلاق الشىءِ على المعدوم الذى سيوجد، ولا يحسن الخلاف فى إطلاقه على ما وجد أَو سيوجد أَو وجد وفنى، فإِن الحق إطلاقه وإنما يسوغ الخلاف فيما لا يوجد ولا يوجد والحق المنع { إِذَا أَرْدْنَاهُ } أَى أَردنا وجوده { أَنْ نَقُولَ لَهُ } فيه ما فى قوله لشىءِ { كُنْ } تام ولا حاجة إلى تقدير كن موجودا { فيَكُونُ } فيحصل ولا قول فى ذلك، بل المعنى إذا تعلقت إرادتنا الأَزلية لوجود شىء فى وقته حصل بلا علاج لا آلة ولا تأخير، فكيف تنكرون البعث لمجرد رؤيتكم الموتى مستمرين على العدم والله قادر على إيجاد العرش والكرسى والسماوات والأرضين وما فيهما من أَول الخلق إلى آخره، وكل ما تسمع من الموجودات والجنة أَو النار وما فيهما فى أَقل من لحظة، وعلى إفناءِ ذلك فى أقل منها، ولا مانع من أن يراد بالشىءِ وجوداً كما هو شأْن البعث والمقام له وعدما، والفاءُ عاطفة على محذوف أَى نقول ذلك فيكون برفع نقول المقدر على الاستئناف ولا واو قبله أَو فى جواب شرط أَى إِذا قلنا ذلك يكون، وقرن بالفاءِ مع أَنه يصح شرطاً فحذف الشرط فاحفظ ذلك، وزد عليه أَنه إذا تقدم معمول الجواب قرن بالفاءِ ولو صلح شرطا نحو إِذا جئت فإياك أَكرمت.