التفاسير

< >
عرض

وَبِٱلْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِٱلْحَقِّ نَزَلَ وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً
١٠٥
-الإسراء

تيسير التفسير

{ وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ } الباء للملابسة، والتقديم للحصر، وهو حال من الهاء أو من نا، أو متعلق بأنزل.
{ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ } هو كالأول، والحق واحد، لأنه معرفة أعيدت، وهو للأول كالمطاوع نحو: وصلته فاتصل، كأنه قيل: توجهت إِرادتنا لإنزاله. فنزل، أو أردنا إنزاله فنزل، وذلك أنه قد يريد أحد الشئ ويشرع له، ولا يكون، ويعالجه فلا يتفق له تعالى الله عن المعالجة فنفى الله ذلك بقوله: "وبالحق نزل" أو المعنى ولم يتغير، والهاء وضمير نزل عائدان إلى القرآن فى قوله:
" { بمثل هذا القرآن } " [الإسراء: 88] ولو بعد كما جرى فى كلام العرب ذكر شئ، واستطراد أشياء بعده ثم العود إليه أو إلى القرآن المعلوم، كقوله تعالى: " { إنا أنزلناه فى ليلة القدر } " [القدر: 1] ولو لم يجر له ذكر قريبًا ويقويه.
{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ مُبَش‍ِّرًا } للمؤمنين بالجنة { وَنَذِيرًا } للكافرين بالنار عليك التبليغ فقط، وما عليك من عنادهم واجتراحهم شئ، أو المعنى ما أنزلناه إلا بالحكمة المقتضية لإنزاله، وما نزل إلا بالحكمة والهداية، إلى كل خير، والمعانى التى شملها، فالحقان متغايران، كما إذا قلنا: ما أنزلناه من السماء إلا محفوظًا بالرصد من الملائكة، وما نزل على الرسول إِلا محفوظًا بهم من تخليط الشياطين، وكما إذا فسرنا الحق الأول بالتوحيد، والثانى بالوعد والوعيد والأمر والنهى، وأجيز عود الهاء، وضمير نزل إلى موسى كقوله عز وجل:
" { وأنزلنا الحديد } "[الحديد: 25] أو إلى كتابه، أو يقدر مضاف أى أنزلنا كتابه أو إِلى الوعد أو إِلى الآيات التسع.
وعلى هذا أفرد الضمير مذكراً لأنهن بمعنى الدليل، والعود إلى القرآن أولى، فيعلق الكلام إلى قوله:
" { قل لئن اجتمعت } " [الإسراء: 88] إلخ أو إلى قوله: " { ولقد صرفنا } " [الإسراء: 89].