التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً
٣٣
-الإسراء

تيسير التفسير

{ وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الّتِى حَرَّمَ اللهُ } أى حرم الله قتلها { إِلاّ بِالْحَقِّ } كقتل لردة، ورجم لإحصان، وقتل من وجدته فى دار حرمك بالغاً عاقلا غير مضطر، غير محرم لهن، مختفياً، منهما بالزنى بلا معاهدة منهن أو بالمعاهدة، وكقتل للقصاص من متعمد مكافى، وكقتل للإشراك بالردة، وقتل الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا، وكقتل لترك الصلاة أو الزكاة إذ منعها، وقيل: تؤخذ منه قهراً بلا قتل وغير ذلك، مما يحل به الدم، وجمعت منه نحو ثلاثين مسألة، وبالحق متعلق بتقتلوا أى بسبب إلا بسبب الحق أو المحذوف جوازاً حال من الواو، أو من النفس، أى متلبسين بالحق، أو ملتبسة بالحق أو يقدر قتلا ما إلا قتلا ملتبسا بالحق.
{ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا } تسلطا أو قوة، فإن شاء قتل، وإن شاء أخذ الدية، وذلك فى قتل العمد، لأن قتل الخطأ لا يسمى ظلما، ودخل فى الآية من أمرك أن تقتله، فإنك تقتل به إذا كان ممن يقتل قائله وإباحته لك قتله لا تبيحه، وقد منعه الشرع، وإن قتله غير ولىّ الدم قتل به، إلا إن أمره ولىّ الدم أن يقتله.
{ فَلا يُسْرِفْ فِى الْقَتْلِ } بأن يقتل بما عذب القتل به، أو يقتل غير القاتل وحده، أو مع القاتل، أو يمثّل بالقاتل، وكانوا فى الجاهلية إذا قتل غير الشريف شريفاً تركوا القاتل، وقتلوا شريف قومه، وأما عدم تكافؤ الدّمَين فلا تشمله الآية، لأنه لم يجعل الله سلطاناً لولى المقتول الذى لا يكافئ دم القاتل، ولا يقتل الأب فى ولده، أو ولد ولده، وإن قال الساحر قتلت فلاناً بسحرى قتل به.
{ إِنّهُ } أى الولى { كَانَ مَنْصُورًا } بإثبات الله له القتل، أو بإعانة الحكام له، ويجوز عود الهاء إلى من قتل فإِنه منصور فى الدنيا باستحقاق قاتله القتل، وبدخول الجنة ودرجاتها إن كان متقيًّا لله عز وجل، بالثواب مطلقا ولو شقيًّا بنص بعض العذاب، ومنصوراً أيضا باستحقاقه دية ما مثل به القاتل، أو عذابه به، واستحقاق القاتل التعزير به، أو النكال أو القصاص، وقيل: ضمير بصرف القاتل ابتداء، وفيه تفكيك الضمائر، لأن الإضمار فى أنه كان منصوراً لغيره ووجهه أنه من بدأ القتل فقد أسرف على نفسه بتعريضها لأن يقتص منه.