التفاسير

< >
عرض

وَأَوْفُوا ٱلْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِٱلقِسْطَاسِ ٱلْمُسْتَقِيمِ ذٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً
٣٥
-الإسراء

تيسير التفسير

{ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ } إذا أردتم الكيل فكيلوا بلا نقص فى البيع والشراء، وسائر قضاء الحقوق مما يكال، والأمر للوجوب، ولو أريد الزيادة من البائع أو نحوه لم تقدر الإرادة، وكان الأمر للندب، والخطاب للبائعين، ومَن عليهم الحقوق فى الكيل، وعليهم الكيل، وإن كال غيرهم فعليهم أجرة الكيال لا على المشترى مثلا، وإن أذن البائع للمشترى أن يكيل، ورضى المشترى جاز، ولا أجرة له إلا إن شرطها، ولكن لا يناسبه الأمر بالإيفاء إلا من جهة أن البائع يأمره بالإيفاء أو لا يعطله عنه.
أو على معنى اقتصر أيها المشترى على الإيفاء لا تجاوزه إلى الزيادة، وأنت خبير بأن الآية لا تحصل على المعنيين معاً على الصحيح، فليقتصر على الأول، وهو كيل البائع وكذلك أجرة النقاد على من يعطى الثمن، وهو المشترى وإن احتاج المبيع إلى النقد فأجرة النقاد على البائع، والضابط أن من عليه الفعل فعليه أُجرة فاعلة.
{ وَزِنُوا بِالقِسْطَاسِ } الميزان الصغير والكبير، بلغة الروم، عُرّب، وكان العرب ينطقون به فلم يخرج به القرآن عن أن يكون عربيا، فهو من كلام العرب إذ كانوا ينطقون به حكاية، ولا سيما أنه قد عُرِّب أى أصلح فلا حاجة إلى تأويل قرآنا عربيًّا، بأن المراد الغالب، أو أنه عربى الأسلوب، وفى اللباب أنه عربى فى الأصل، وأنه هو الأصح، وقيل: القسطاس القبان، وهو القرسطون بلغة الشام، وعن قتادة: العدل من القسط بمعنى العدل، فهو عربى مكرر اللام، وزنه فعلال، لا العين بوزن فعلاع، ويضعف أنه مركب من قسط، أى عدل وطاس أى كفة حذفت إحدى الطاءين.
{ الْمُسْتَقِيمِ } السوىّ { ذَلِكَ } أى المذكور من إيفاء العهد والكيل والوزن بالقسطاس المستقيم { خَيْرٌ } منفعة لكم دنيا وأخرى بالنجاة من العذاب، والفوز بأداء الواجب، وثواب ما زاد، وفى خلافه مضرة فيهما عكس ما ذكر أو أفضل لكم من عدمه، إِذ تتوهمون أن فى نقض العهد، والتطفيف خيراً وهو ما يبقى لكم من مثمن أو ثمن، وما يعطى المعهود.
{ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } حسن رجعاً وفى خلافه قبح، وخير الإيفاء النجاة من عذاب التطفيف، والفوز بثواب الإيفاء لقاصده، وإقبال الناس عليه بالمعاملة والمدح، والتأويل بفعيل من آل يئول بمعنى رجع، كأنه قيل: وأحسن عاقبة، وهو خارج عن التفضيل، وليس التأويل بمعنى التفسير أوا لعاقبة خارجاً من ذلك، بل مبنى عليه.