التفاسير

< >
عرض

أَفَأَمِنْتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ ٱلْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ وَكِيلاً
٦٨
-الإسراء

تيسير التفسير

{ أَفَأَمِنْتُمْ } أَأَعرضتم، أو أنجوتم، أو أنجاكم فأمنتم، مع أن الإعراض موجب لأن تخافوا من العقاب، والإنجاء والنجاة موجبان للشكر لا للبقاء على الإعراض، والاستفهام توبيخ وإنكار للياقة ذلك.
ويجوز أن لا تقدر جملة بين العاطف وهمزة الاستفهام، ولا سيما إِذا أدى التقدير إلى تكلف.
{ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ } أى أن يقلب الله جانب البر الذى هو مأمنكم حال كونه بكم، أى ملتبساً بكم، ومصحوبًا بكم، فالباء للملابسة متعلق بحال محذوفة من جانب خاصة لا عامة، أو للسببية متعلق بيخسف، وجانب مفعول به، وأجيزت ظرفيته أى أن يوقع الخسف بكم فى جانب البر، والمراد بجانب البر الطرف الذى يلى البحر الذى خرجوا منه، فإنه تعالى قادر على الإغراق فى البر، كما قدر عليه فى البحر، فكيف تكفرون إذا نجوتم إلى الساحل، كأنه سبحانه لا يقدر على الإغراق فى البر، ولا على الإهلاك بما شاء فى كل موضع، والمواضع فى ذلك كله سواء عنده تعالى.
{ أَوْ يُرْسِلَ } قيل: كما فعل بقوم لوط { عَلَيْكُمْ حَاصِبًا } ريحًا يرمى بالحصباء، والريح يذكر ويؤنث، والحصباء: الحجارة الدقاق من التراب أو نفس الحجارة الدقاق، وإِن أريد بالحاصب النسب جاز ولو مؤيثاً تقول: امرأة لابن، أى ذات لبن، ويجوز أن يكون الحاصب نفس ذلك الدقيق بإسناد الرمى إليه أى حصباء رامية.
{ ثُمَّ لاَ تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلا } ثم الترتيب الذكرى بلا تراخ، بمعنى أنه لا شئ يمنعكم من وقوع ذلك، ولا من مداركته بالإصلاح بعد الوقوع.