التفاسير

< >
عرض

كِلْتَا ٱلْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً
٣٣
-الكهف

تيسير التفسير

{ كِلْتَا الجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا } مأكولها، أى مما يؤكل مما فيها، ولم يقل آتتا لأن المعنى كل واحدة آتت أكلها، وتقول: كل من المرأتين قامت، ولا تقول قامتا إلا بنظر للمعنى وهو ضعيف، ويناسب ما ذكر قراءة: كل الجنتين آتى أكله، وكلتا مفرد اللفظ مثنى المعنى عند البصريين، وهو المشهور، ومثنى لفظا ومعنى عند البغداديين، وتاؤه عند البصريين بدل من واوه، وأصله كلوى وهو قول سيبويه، وألفه للتأنيث، وتاء التأنيث لا تكون وسطًا، وما قبلها لا يكون ساكناً صحيحاً، فيعرب بحركة على الألف، رفعا وعلى الياء جرًّا ونصباً، وقال الجرمى منهم: تاؤه زائدة وألفه بدل عن واو.
{ وَلَمْ تَظْلِمْ } لم تنقص { مِنْهُ } من أكلها { شَيْئاً } من شأنه، يؤتى به أو شيئا يعهد فى سائر البساتين، والثمار عادة تارة تتم وتارة تنقص، هذا تفسير ابن عباس رضى الله عنهما، وهو تفسير باللازم على أن أصل الظلم التعدى فى حق الغير، وهو نقص، فإن كان بمعنى النقص اللازم فشيئاً مفعول مطلق، أى لم تنقص منه نقصًا أو من النقص المتعدى، فمفعول به، وهو المتبادر من قوله منه، والمعنى لم تترك من أكلها شيئاً، وإِسناد عدم الترك إليها مجاز عقلى، والواضح أن الظلم أصله النقص، وهو حقيقة فيه، فيه مجاز فى التعدى، فظلمه بمعنى نقصه واحتقره.
{ وَفَجَّرْنَا } أنبعنا بتوسيع { خِلاَلَهُمَا } وسط كل واحدة ليدوم شربهما وبهاؤهما { نَهَرًا } فذلك نهران اثنان أو خلالهما بينهما كالزرع، أو من جانب إحداهما أو بإزاء الزرع، فهو نهر واحد، تسقيان منه، ويدخلهما ماؤه، فكأنه مفجر فى داخلهما، وليس ضمير التثنية فى خلالهما مراعاة لمعنى كلتا، بل للجنتين ويقال ذلك فى الرملة من أعمال مصر القاهرة يسمى نهراً فى فرطس.