التفاسير

< >
عرض

وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ فَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يٰوَيْلَتَنَا مَالِ هَـٰذَا ٱلْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِراً وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً
٤٩
-الكهف

تيسير التفسير

{ وَوُضِعَ الكِتَابُ } أن للحقيقة فيصدق بالكتب أو للاستغراق على إرادة التفريع، بأن كتبكم كلها تحضر، فتحاسبون بما فيها لا يفوتنا كتاب أحد. وذلك كتب الأعمال توضع فى الأيمان للسعداء، وفى الشمائل للأشقياء أو تكتب الأعمال كلها فى كتاب واحد، ولكل أحد كتاب مفرد أيضًا، أو ذلك كناية عن وضع الحساب.
{ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ } المعاندين لك، أو مطلق المجرمين، فيدخل هؤلاء بالأولى { مُشْفِقِينَ } مضطربين خائفين { مِمَّا فِيهِ } من الذنوب.
{ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا } يا هلكتنا، اللفظ لفظ نداء هلكتهم ليحضروا ووقتها الحاضر، والمراد التفجع شبهت بإنسان بطلب إقباله، ورمز بلازمه وهو النداء فذلك استعارة مكنية تخييلية، وقيل: المنادى محذوف أى يا من بحضرتنا، وويل مفعول مطلق لمحذوف، أى هلكنا ويلتنا أى هَلَكْتَنَا.
{ مَالِ هذَا الْكِتَابِ } كل أحد يقول فى شأن هلاكه بالذنوب التى رآها فى كتابه، وشأن كتابه{ يا ويلتنا ما لهذا الكتاب }وفصلت اللام فى الخط إشارة إلى أن المجرمين لشدة الكرب يقفون على بعض الكلمة، بل على كلمة لا تتم إلا بما بعدها، والاستفهام تعجبى.
{ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً } فعلة صغيرة من الذنوب { وَلاَ كَبِيرَةً } فعلة كبيرة منها، والفعلة تشمل الاعتقاد وترك الواجب، قيل: الصغيرة كالمس، والكبيرة كالزنى، وقيل: الصغيرة كالتبسم عند المعصية، أو بالاستهزاء بالمسلم، والكبيرة كالضحك، والمس عندنا كبيرة ولا إثم على من تبسم أو ضحك ضرورة
{ إِلاّ أَحْصَاهَا } عدَّها وأحاط بها سرَّها فى الدنيا، أو أعلنها فى حق الله، أو فى حق المخلوق من الفروع أو الأصول.
{ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا } من الذنوب، أو جزاء ما عملوا { حَاضِرًا } لم يغب منه شئ، كله مكتوب، ولم يجدوا حسنة من حسناتهم، لأنها أحبطت بالشرك { وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا } لا يتعدى فيه بزيادة شئ من الذنوب لم يفعله، أو بزيادة على عذاب لم يستحقه، وإحباط حسناته إنما هو بإشراكه فى الدنيا.