التفاسير

< >
عرض

قَالَ رَبِّ ٱجْعَل لِيۤ آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلاَثَ لَيَالٍ سَوِيّاً
١٠
-مريم

تيسير التفسير

{ قال ربِّ اجْعَل لى آية } علامة تدلنى على تحقق الموعود، بأن يعلم متى وقع يحيى فى الرحم، ليشكر الله عز وجل من حينئذ، ولا يؤخذ الشكر إلى ظهوره المعتاد فى البطن، ولا إلى أن يولد، وليزداد يقينا بالوعد، كقول الخليل: " { رب أرنى كيف تحيى الموتى } " [البقرة: 260] وليزداد فرحه كشأن الراغب فى حصول شىء غريب يتعرف شئونه باشتياق، وذلك منه فى الطاعة، لأنه طلب الولد لدين الله، وهذا الطلب بعد التبشير بمدة لأن يحيى أكبر من عيسى بستة أشهر، أو ثلاث سنين، وكان الطلب فى صغر مريم، لأنها ولدت عيسى وهى ذات عشر سنين، أو ذات ثلاث عشر سنة، والمعنى أبدع لى آية، فلى متعلق باجعل أو حال من آية، والأول أولى أو صير لى آية فآية مفعول أول ولى ثان.
{ قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ } لا تقدر على أن تكلمهم لما وقع فى بطنها، لم يستطع أن يكلم أحداً كلاماً ما، والتوراة والذكر يطيقهما { ثَلاَثَ } مع أيامهن كما صرح بالأيام فى سورة آل عمران، واكتفى بذكر الأيام فيها، لأنها مدنية متأخرة، واليوم متأخر وبذكر الليالى هنا، لأن السورة مكية سابقة، والليل متقدم، وليال كجوار مما زيدت الياء فيه من الجموع، كأهل وآهال، فإذا لم ينون للإضافة أو بال أو فى القافية، أو نصب ثبتت الياء، أو هو جمع ليلاة فالياء بعد اللام هى ألف ليلاة وهى زائدة.
{ سَوياً } حال من ضمير تكلم، أى تام الخلق، والخلق بلا مرض ولا خرس، وهذا أولى من جعله حالا من ثلث أى مستويات كاملات.