التفاسير

< >
عرض

لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلاَّ سَلاَماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً
٦٢
-مريم

تيسير التفسير

{ لا يسْمعُون فيها لغْواً } أى لا لغو فيها بسبب ولا بغيره، إذ لو كان لسمعوه كنى عن نفى الملزوم بنفى لازمه، أو عن نفى السبب بنفى المسبب، واللغو كلام لا فائدة فيه فهو كلغو العصافير بالنظر الى سماعنا له، وإلا ففى أصواتها كلام بعض لبعض وتسبيح، فإذا نفى عن أهل الجنة كان ينبغى اجتنابه فى الدنيا.
{ إلاَّ سلاماً } استثناء متصل بمعنى إن كان فيها لغو فبالسلام والسلام لا يكون لغواً فهو نفى له بطريق البرهان فى تأكيد المدح بما يشبه الذم كقوله:

ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم يهن فلول من قراع الكتائب

أو بمعنى أن السلام فيها لغو باعتبار أنه دعاء بالسلامة من الآفات، مع أنه لا آفة فيها، ولو كان القصد به التحاب، وأنه حق مقصود أو منقطع، أى لكن يسمعون سلام الملائكة عليهم، أو سلام بعض على بعض، أو كلاماً ذا سلامة من العيب، أو سالما، وقيل سلام الله يخلقه حيث شاء، أو على لسان ملك.
{ ولهم رزْقُهم فيها بُكرةً وعشياً } أى فى كل وقت شاءوا، فعبر بأطراف اليوم لا الوقتين، ومن ذلك فى غير الزمان قولنا: اللهم ارحم المهاجرين والأنصار، نريد الصحابة مطلقاً، والمراد كثرة الأرزاق بلا حساب، وكانت للعرب أكلة واحدة، ومن أصاب أكلتين سمى فلاناً الناعم، فنزل اللفظ على رسم ما يرونه خصب عيش، والمعنى أكثر ولا بكرة وعشياً فيها، وجاء الأثر أنه يبين لهم مقدار الليل بإرخاء الستر وإغلاق الباب والنهار برفع الستر، وفتح الباب فى ملك كل واحد، لكن الرزق يعم البكرة والعشية وغيرهما، أو فى الوقتين لا بد، وفى غيرهما زيادة بحسب ما شاءوا.
"قال رجل: يا رسول الله هل فى الجنة ليل فقال: ما هيجك على هذا؟ قال قوله تعالى: { ولهم رزقهم } الآية، فقال صلى الله عليه وسلم: لا ليل بل ضوء الغدو والعشى يتواردان وتأتيهم طرف الهدايا من الله تعالى لمواقيت الصلاة فى الدنيا وتسلم عليهم الملائكة عليهم السلام" .