التفاسير

< >
عرض

تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ
١٣٤
-البقرة

تيسير التفسير

{ تِلْكَ } أى هؤلاء إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وبنوهم، وقال: تلك، لمعنى الجماعة، أو للخبر، وهو قوله { أُمَّةٌ } جماعة، سميت لأنها تؤم، أى تقصد، ويؤم بعضا بعضاً، ويجمعهم أمر واحد، دين أو زمان أو مكان، هذا أصل الأمة، وقد يطلق على الملة، أو على الزمان، أو على المنفرد بشىء فى زمانه، وحمل بعضهم الآية عليه بمعنى، أن كل واحد من إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب أمة فى زمانه، فالإشارة إلى الأربعة على هذا، ولا يراد عما يعمل الأربعة من خير أو شر، إذ لا يعملون شرّاً اللهم إلا على سبيل الفرض للبرهان { قَدْ خَلَتْ } مضت { لَهَا } لا لغيرها { مَا كَسَبَتْ } أجر عملها { وَلَكُمْ } لا لغيركم { مَّا كَسَبْتُمْ } ولهم أو لكم ما كسب لهم أو لكم، وحذف ذلك مثل أن يتصدق أحد ويصلى النفل، أو يصومه وينوى بثوابه غيره من الأحياء أو الأموات، وأما العلم المنتفع به والصدقة الجارية فمن كسب الإنسان، ومنفذ ذلك كوكيله وولد الرجل من كسبه، وقيل: يختص ذلك بهذه الأمة، والخطاب لليهود، أو المراد الجزاء بخير أو شر كما فى قوله { وَلاَ تُسْئَلُونَ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } عن خير أو شر ولا يسألون عما كنتم تعملون، والسؤال عبارة عن لازمه، وهو المؤاخذة، ولو كان حقيقا فكيف، وهو توبيخ.
قال ابن أبى حاتم مرسلا، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"يا معشر قريش، إن أولى الناس بالنبى المتقون، فكونوا بسبيل من ذلك، فانظروا ألا يلقانى الناس، يحملون الأعمال، وتلقونى بالدنيا تجمعونها فأصد عنكم بوجهى" ، وفى معناه ما روى: يا بنى هاشم، لا يأتينى الناس بأعمالهم، وتأتونى بأنسابكم، أو لا تسألون عما يعلم هؤلاء الأنبياء قبلكم من الشرائع، بل عما يعمل نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم.