التفاسير

< >
عرض

إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِٱلسُّوۤءِ وَٱلْفَحْشَآءِ وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ
١٦٩
-البقرة

تيسير التفسير

{ إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ } الذنب الكبير والصغير { وَالْفَحْشَاءِ } الذنب الكبير المتجاوز الحد فى القبح، فالفحشاء أخص من السوء، ويجوز أن يكونا بمعنى واحد إلا أنه من حيث أنه يسوء فاعله وغيره سوء، ومن حيث إنه قبيح فحشاء، أو السوء ما لا حد فيه، والفحشاء ما فيه الحد، وقيل هما بمعنى واحد، وهو ما أنكره العقل وحكم بأنه ليس فيه مصلحة وعاقبة حميدة، واستقبحه الشرع، وقوله تعالى: " { قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَٰحِشَ } " [الأعراف: 33] دليل على أن كل معصية ولو صغيرة تسمى فاحشة، والأمر المذكور عن الشيطان حقيقة، لأنه يقول، افعلوا كذا على طريق الالتماس، على أنه يسويهم بنفسه، أو لأنه يدعى العلو عليهم، ولو لم يكن عنده أو اعتقد أنه أعلى، ولا حاجة إلى أن تقول شبه الوسوسة فى المعاصى بالأمر بها، ولا إلى أن نقول شبه تزيين المعاصى بالأمر بها، عَلَى أن ذلك استعارة، ولا يلزم من الأمر ولو كان من عال تسلط قهر، فلا مناداة بين الآية وقوله تعالى: " { ليس لك عليهم سلطان } " [الحجر: 42]، { وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } أى وبأن تقولوا كاذبين على الله، أو ضمَّن تقولوا معنى الكذب، أو عن الله ما لا علم لكم به، من تحريم السائبة ونحوها، وتحليل الميتة ونحوها، واتخاذ الأنداد، وليس قول المجتهد قولا بما لا يعلم، لأنه يقول استدلالا بما يستنبط من القرآن والسنة والإجماع، قصداً للحق لا اتباعاً للهوى، وقد أباح الله له ذلك، وإن اختلف المجتهدون فالحق عند الله مع واحد فقط، وغيره مأجور، ويجوز العمل بما قال، وقد يكون الحق عند الله غير ما قالوا، مع أن ما قالوا لا يعد ضلالا عليهم، وقالت المعتزلة: الحق متعدد بحسب أقوال المجتهدين، وهو ضعيف، وإما أن يقال كل واحد مأجور يجوز العمل بما قال، وأن كل واحد العمل به حق فى حق المقلد فلا بأس.