التفاسير

< >
عرض

نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنْفُسِكُمْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّكُمْ مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ
٢٢٣
-البقرة

تيسير التفسير

{ نِسَآؤُكُمْ } بالنكاح أو بالتسرى { حَرْثُ لَّكُمْ } موضع الحرث، فالوطء للتوالد بقصد إقامة الدين وصون النفس عن الفحش بالذات، ولقضاء الوطر بالعرض، فيحرم نكاح الدبر إذ لا ولادة منه، فمن جامع فى الدبر زوجه أو سريته عمدا كفر، ولزمته خمسة دنانير، وقيل ثلاثة للفقراء المتولين، فإن فعل ذلك بدبر طفل ولو برضى منه، أو بأمة، أو بالغة راضية، أو بحرة بالغة بقهر، أو بمجنونة ولو برضى لزمه ذلك، ولزمه أيضاً نصف عشر دية المرأة، ولسيد الأمة نصف عشر قيمتها { فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ } موضعه من نسائكم، وهو القبل، والكلام فى الموضعين هو على تقدير مضاف، ويجوز أن يراد التجوز والتشبيه البليغ، أى كمواضع الحرث، وكونهن كتلك المواضع متفرع على كون النطف كالبذور، ويجوز أن يكون ذلك استعارة تصريحية أو تمثيلية، وإذا علمت أن المراد الموضع الشبيه بموضع الحرث علمت أن المراد القبل، لأنه لا ولادة من الدبر { أَنَّى } كلمة تتضمن معنى من والمكان، أى من أين، أو بمعنى كيف { شِئْتُمْ } من قيام أو قعود، أو اضطجاع من قدام أو من خلف أو من جانب فى كل ذلك، أو تكونون فوقهن، أو يكن فوقكم، وهو مكروه، وقيل أيضا، متى شئتم، ومعنى قوله من أين شئتم من أى موضع، لا فى أى موضع، والآية نزلت ردّاً على اليهود، قالوا: من جاء امرأته من خلفها جاء الولد أحول، ولا ينافى سبب النزول هذا تفسير أنى بكيف، ولا يخالف المقصود، لأن ذلك كله كيفيات، { وَقَدِّمُواْ لأَنْفُسِكُمْ } ما ينفعكم من العمل الصالح وترك المعاصى، وطلب الولد والتسمية عند أول الوطء، وفى حالة بالقلب والدعاء، وقصد المرأة العفيفة، فإن الطفل الميت فرط لأبيه، والولد الصالح يحرى أجرى لأبيه، بقصد أبيه لوجوده، وبقصد الولد لأبيه بالعمل، وعنه صلى الله عليه وسلم: "من قال، باسم الله عند الجماع فأتاه ولد فله حسنات بعدد أنفاس ذلك الولد وعدد عقبه إلى يوم القيامة" ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: باسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فقضى بينهما ولد لم يضره الشيطان" ، وعنه صلى الله عليه وسلم: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له" { وَاتَّقُواْ اللهَ } بترك المعاصى، ومنها الجماع فى الدبر والحيض { واعْلَمُواْ أَنَّكُمْ مُّلَٰقُوهُ } بالبعث للجزاء على الطاعة والمعاصى فترغبوا جداً فى الطاعة وعن المعصية { وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ } المتقين له بالجنة، وما لا يعلمه إلا الله فيها وقبلها.